انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    فلاح الصوفي :قراءة في قصيدة " رمادك يا أناي تعويذة "

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    فلاح الصوفي :قراءة في قصيدة " رمادك يا أناي تعويذة " Empty فلاح الصوفي :قراءة في قصيدة " رمادك يا أناي تعويذة "

    مُساهمة  Admin الجمعة أكتوبر 22, 2010 2:51 am


    في نص الشاعر باسم فرات " رمادك يا أناي تعويذة " نقرأ :
    " نحرنا الأرصفة وقلنا للنجوم تساقطي
    لمحنا انكسارنا على الشرفات
    وكان الهديل يستريح في شهيقنا
    لمحنا حليبنا يتناسل في السراب
    لمحنا زغبنا يطوّق الأصيل
    وقلنا ستصحو من عريها بابل
    لمحناك أيها المجهول تتمرأى في أحزاننا ."
    فيوضات من الصور المتلاحقة لا تنم فقط عن شاعرية جميلة ، وانما تقول بالقطيعة ، تلزمني امكانياتها وتطوق ما أسرف احياناً في الحديث عنه ، متراكضة في سهلها الجارف :
    " قلنا ستصحو من عريها بابل "
    أي مصير هذا الذي يسلسل روحي بين النص ، بين مخيلته الطازجة وبين اعترافي بالهروب معه نحو الأقاصي أو كما يقول أبو حيان التوحيدي :
    " اني لزمتك لزوم الظل ! " .
    في هذا النص تصفو اللغة حتى لكأنها السذاجة لغة تشير بلا وعيٍ منها – ربما – الى ممارسة حقها في الاستطاعة ، تسرقنا من منفانا حتى تجدول لنا تلخيصاً حاراً لما تناغمنا معه – أو هكذا ظننا - منذ انكساراتنا المحض ، أقول هذا وأقرأ الآتي لأجد :
    " انحنِ أيها المنفى أمام راياتي السود
    لأقمط المدى .. انحنِ ..
    سأعريك أيتها العواصف وأغسل طهرك
    بأوحال هريمتي . "
    يتزاحم صراخ باسم فرات ، صراخه المعلن بوجه أناه وجسده طائباً له أن يعري كل شيئ : الأنا – الجسد – الصباحات – السماء – شهوة – الحلم ...الخ . كل هذا التجريد ( تجريد الأشياء مما علق بها ) بمثابة استنطاق يجعلنا دائرين ، أو لأقل دائخين في فلك ٍ ، ولكن بالتأكيد غير منقطعين عن رجائنا وتوسلاتنا " بطرق تعبّدها الشموس " .
    وفي مقطع جميل آخر – رغم انه - لا يمنح نفسه بسهولة :
    " يا ضلالي افض على الملائكة
    فهذي شموسي تعبّد لي الطريق وتنحني
    وهوادجي في فيوضات الجهات أزرعها
    أقشّر هزائمي من الارتعاش
    وذكرياتي من الاسترسال المبكّر
    قلبي يقين الطير ، وأبواب النسيان صداي
    كن نشيجي يا ملاك العرش
    لأفتح بلداناً عذراء ، أسمُها بنداوة أمجادي
    العروش بريد خطواتي
    فلماذا تتعثرين يا رياحي ؟ "
    اللغة في هذا المقطع تتسم بتمكّن وإدراك عاليين ، فجملة : " يا ضلالي أفض على الملائكة " لا تلبث أن تحيلنا إلى ذاكرة أو إرث من اللغة العربية يستفيد منه الشاعر بقوله أيضاً :
    " لأفتح بلداناً عذراء ، أسمها بنداوة أمجادي "
    هذه المكنة اللغوية أتاحت ايجاد فعل شعري آخر ليس على مستوى الدلالة فقط وإنما قد تعدى ذلك ليشتمل على لحظة اقتنصها الشاعر ليهيئ لما يريده أخيراً :
    " فلماذا تتعثرين يا رياحي ؟ "
    المقاطع الأخرى من القصيدة تؤرخ للشاعر حديثه الشخصي والذي أدينه به .. لأنه يسمّرني !

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 12:05 am