انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    عانقتُ بُـرجًا خِلتُـه مئـذنة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    عانقتُ بُـرجًا خِلتُـه مئـذنة Empty عانقتُ بُـرجًا خِلتُـه مئـذنة

    مُساهمة  Admin الإثنين أكتوبر 25, 2010 6:12 pm

    بينما أُحاولُ أنْ أمسكَ بالنُّـعاسِ
    تَخمِشُ وجهي شَمسٌ تُطاردُ فُلولَ الليلِ
    مثلَ جيشٍ أنهَكَتهُ الْهَزائمُ
    يَشرئبُّ الأسَى في خَطواتي
    فأصيحُ:
    كم من السنواتِ أُعِدَّتْ
    لكلامٍ مُتَّشِحٍ بالسوادِ
    مَزهوةٌ ظلالي بي
    أحدّثُ عابري الكلماتِ
    عن سماءٍ أجلستُها فوقَ سريري
    وأرقصتُ نُجومَها
    ففرّ الخريفُ مُحتدمًا يزفرُ يَباسَه
    وَشيتُ بالحدائقِ للفراشاتِ فلاذتْ ببابي
    لم أدعُ غيرَ حَماقاتي لمائدتي
    كيفَ طَوّقني الرازقيُّ ؟
    لسنا سوى خيباتٍ صَدِئَتْ ذكرياتها
    هكذا
    لكي أجتازَ الوصول
    لم ألْتَفِتْ لجراحي
    ثيابي أطعمتُها للنهرِ
    وعينايَ تَتَهَجّى رائحةَ غيابي
    لم أتحسَّسْ غيرَ انتظارِهم
    وقطعانِ النجومِ تُشاكسُ عربةَ الظلامِ
    سأُفضي للأرصفةِ بعضَ جنوني
    لكنني أخشى من العابراتِ الْحَسَدَ
    أتولَّهُ بالآسِ وهو يَشبَهُني تمامًا
    وأطْلِقُ للعصافيرِ حريةَ الزقزقةِ
    أسْتَرْخِي فوقَ هديلٍ أؤَرِّقـُهُ بعنايةٍ
    وأقولُ : لكلِّ عاصفةٍ مُتكَأٌ من النسيانِ
    قلبي حقلٌ لمْ تَتَنَزّهْ فيهِ الطائراتُ كثيرًا !!
    فكانَ بوصلةً وفانوسًا يَتَدلّى منهُ الصباحُ
    أغويتَهُ أغويْـتُـهُ بالوشايةِ
    لم يقلْ النرجسُ سلامًا ولازمَني
    - كيفَ أرسلوكَ للحربِ وأنتَ مُصَفّدٌ بالحبِّ -
    أُمي أشعلتْ ثلاثةَ عَشَرَ قنديلاً
    تؤثّثُ لانتظاري
    وعندما شاختِ النوافذُ بترقُّبِها
    أشعلتُ ما تَبقّى للرحيلِ
    على كلِّ بابٍ رايةٌ سوداءُ تَشقُّ فحولةَ النهارِ
    كفى تَناسُلاً أيها الخرابُ
    صمتٌ يطرقُ نُعاسَه ويمضي
    فألمحُ طفولةَ الجمرةِ تلهو مع القِدّاحِ
    أشرتُ لها
    أشاحتْ ببياضِها إليَّ
    أدهَشَني حُنوّها
    - سأزاحمُ البردَ في أحلامِكَ -
    كيفَ لي أن أشاكسَ صدرَكِ
    ولا يبتهجَ الياسمينُ ؟
    كيفَ لي أن أقودَ جوقاتِ البتولا ؟
    - مَن لي لأقودَ -
    تَتْبَعُ موسيقى ضَحِكاتٍ تحرسُ شفتيكِ من أنهاري
    لاذعٌ هو الخصرُ حينَ يلثغُ عُنوةً غَرَقي
    لاذعةٌ أنتِ وأنا أَطَأُ شَوارعَ عذراءَ ... لِـبُزوغي
    الصهيلُ يَحفرُ بِئرًا لإيوائي
    أسرابُ الضياءِ تَتَخفّى بينَ جفنيّ
    بحرٌ من الأمنياتِ يُغادرُ رأسي
    تَعثّرَ الهديلُ على النافذةِ
    بُحَّ صوتُ المغني
    كإِشراقةٍ باهتةٍ سَرّبَتنا المحطاتُ
    لذنا بأهدابِ الزيزفون
    نَتَوسّلُ مَصابيحَ عورًا أنْ تَستحمَّ بظلمةٍ
    تسجنُ في جُعبتِها الكواكبَ
    أطلقتُ شرارتي إليكِ فلم تصلْ
    حدّثتُ الأسى عنكِ
    فلوّحَ بنخيلِهِ
    ليطردَ الأبديةَ عن إغفاءتي
    ويمسحَ شطآنَه فوق جبيني
    هل أصغي إلى هذياناتِها الأسرارُ وهي تَتَلوّى على الورقةِ
    ثمّ أتركُ على الطاولةِ سَنَواتي تُطْفِئُ آلامَها
    اخترتُ من المطرِ قواريرَ وحدتِهِ
    لبِسْتُ مَتاهتي
    وتوغّلتُ فيها
    لم ألتفتْ لشبابيكَ خبأتْ نَظَراتي فوقَ مَخْدَعِها
    لم ألتفتْ لحقولِ عباءاتٍ غادرتْها السواقي
    فَمشّطتْ لياليها نزوةُ القمرِ
    أجلستُ ثلاثينَ عامًا على رُكْبتيها
    المرأة بسنواتها الأربعين
    فأرضعتني بكاءها وأحلامَها اليابسةَ
    على ساقيها تغفو ملائكةٌ
    المرأةُ ذاتها
    أنوثتـُها فاضتْ بينَ يديّ
    فأزهرتِ السماء بالليلكِ البريّ
    الجداولُ تجنحُ ببياضِها
    فَتلوّحُ لي الشواطئُ بحريةٍ مطلقةٍ
    أخشى على اللهِ من الطوفان
    فليسَ ثمةَ نبيُّ ينقذُ ما تبقّى
    تَتَلصّصُ علينا الشرفاتُ بعينٍ واحدةٍ
    ظلالُنا ترشقُ الستائرَ بالقُبَلِ
    الموجُ يَستجدي من المارةِ قمصانَهم
    ليُعلّبَ السواحل في غثياناتِ الضبابِ
    العرباتُ تبادلُهُ الخدوش والخرائط المبتلة
    عانقتُ برجًا خلتَه مئذنةً

    * حين لم يجدْ عدوًا
    رمى الحدودَ ورائي.

    * وحين آذارُ باهتٌ ، أصابعي زرقٌ
    لم أدخّنْ سوى وجعي
    والأقحوانُ شديدُ التلكؤِ
    أمامَ النشيدِ من تعكّزَ على حيواتِنا.

    عَمّان
    آذار 1997

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 15, 2024 8:39 pm