انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    عُـواءُ ابـنِ آوَى

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    عُـواءُ ابـنِ آوَى Empty عُـواءُ ابـنِ آوَى

    مُساهمة  Admin الإثنين أكتوبر 25, 2010 7:13 pm

    أُمّي آياتُ حِنّاءٍ يُغالبُها العِشقُ
    فَتَرَمَّلَتْ
    حُزنُ مُحِبِّينَ في آخِرةِ الليلِ
    يُفرغُ الهمُّ في حِضْنِها مَواويلَهُ
    ذكرياتٌ مشتْ عليها الحروبُ
    ما يقولُ النخلُ للمئذنةِ
    ( حين يَمرّ نهرُ الحسينيةِ مصلوبًا
    فوقَ ريح ِ الشماليين)
    غصنُ رمانٍ يَنكسرُ من فرطِ أساهُ
    كلُّ ليلةٍ تَمسحُ عن جَبينِ الفراتيِّ الدمَ والترابَ وتبكي :-
    ( قتيلٌ بالطفوفِ أطالَ نوحي
    وأسلَمَني الى الحزنِ الطويلِ )
    تَحملُ كُتُبًا من الزعفرانِ وتُخفي أُخرياتٍ من العَقيق ِ
    إلى سجنِ السنديِّ حيثُ يَرقدُ أبي
    أبي الذي خاضَ مائة َحربٍ منذ ميلادِ الخطيئةِ البكرِ
    حتى جُنـُوحِ القبائلِ النوويةِ في الحُكمِ
    كانت تَحملُ له الشمسَ والقمرَ وإحدى عشرة َرغبةً
    لتشدّ من أزرِهِ
    وإذ يُقتلُ أبي ويُحَزُّ رأسُـهُ
    يَمسحُ العلقميُّ دموعَهَ وَيَتَوارى
    حاملاً كفينِ باسقتينِ تتَوَهَّجانِ خُضرةً وَنَدَمًا
    تصعدُ التلَّ لتشهدَ عُواءَ ابنِ آوَى في المدينةِ
    على يدِ آخرِ القَتَلةِ
    وحين طافوا برأسِهِ في الْمُدنِ
    زينتْ أمي وجهَ الخليفةِ ببصاقِها
    وأطفأتْ قناديلَهُ الدَّاعرةَ
    فانحنى البحرُ لها مكسورًا وواستها الرياحُ
    رمتْ بعِظام ِالنخيل ِورُخام ِالقِبابِ إلى السماءِ
    فكانت النجومُ والكواكبُ
    الشفقُ دمُ أبي
    كان في جسدِهِ سبعونَ طريقًا
    وكلُّ طريقٍ يؤدي إلى سبعينَ برتقالةً و (مقام)
    بايَعَهُ الناسُ يومَ اشتعلتْ رؤوسُهم بالفجيعةِ
    ثم أرسلوا كُتبًا مُذهبةً بالرجاءِ
    ومُطعمةً بالتوسّلِ
    ومُرصعةً بالأمنياتِ
    ليتوِّجُوهُ رسولاً بلا كِتابٍ
    لكنهم تجرّعوا البكاءَ عليهِ .... وعرَّجوا
    للنسوةِ اللائي
    قطعنَ أعمارَهُنَّ
    وقدَّمنَها وجبةَ طعامٍ للانتظار
    يُشعلنَ شموعَ أنوثَتِهنَّ كلَّ مَساءٍ
    ضارعاتٍ
    باكياتٍ
    ناحباتٍ
    يَتَوسَّمْنَ بالعلقميِّ
    أن يغني للحسينيةِ ويعودُ
    ويَتضرّعْنَ ( للحُرِّ)
    أن يَمنحَهنَّ منديلَ أبي
    (مازال معانقًا ساعِدَهُ كي يوقفَ نزفَ الخنجرِ الأمويِّ)
    وأمي تمسَحُ بلورَ خديّها صارخةً:
    ماذا بيمينِكَ أيها الشاعرُ
    ألْقِ قصيدتَكَ
    ليرتبكَ الشعراءُ
    لا تنحنِ لغيرِ هذا الرُّخامِ المشرقيِّ
    لا تُصلّ
    لغيرِ المنائرِ والحمامِ
    اقرأ
    على القِبابِ الْمُذهَّبةِ تراتيلَ الملائكةِ السلام
    ولكي لا يصدَأَ على لسانِكِ الكلامُ الفردوسيُّ
    ترجَّلْ عن صرحِ اللغة.

    كربلاء
    1992

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 5:50 am