انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    إيقونة عراقية

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    إيقونة عراقية Empty إيقونة عراقية

    مُساهمة  Admin الإثنين أكتوبر 10, 2016 5:09 am

    ضمتني جلسة مع وجوه أدبية إبداعية في مدينتي، في العام الماضي، ودار حديث عن الروائية أنعام كجه جي، وأبدى أحد المبدعين إعجابه الشديد بروايتها "طشاري" كان يتحدث وفي نبرة صوته إعجاب مخلوط بالفخر، فثمة أشاعة تزعم بأن العراقيين يجيدون كتابة الشعر لا الرواية، ولا أدري لماذا شعرت بمحدثنا وكأنه يبدد هذه الإشاعة عبر حديثه عن رواية "طشاري" مَن يدري فلربما أنا المتلقي وقعت تحت تأثير تبديد هذه الإشاعة أيضًا، أو هكذا استنطقت حديث جليسي.
    عبر موقع التواصل الاجتماعي، أخبرت الروائية أنعام كجه جي برأي صاحبي، كانت في غاية الفرح، لا شكّ أن المبدعين يحملون بذرة طفولتهم معهم، يكبر كل شيء فيهم إلاّ طفولتهم، تحافظ على براءتها وتلقائيتها، إذ ليس للكاتب من جائزة لا يمكن التشكيك فيها مثل جائزة أن تكون أعماله موضع نقاش إيجابي في مقهى ومكان ناءٍ، لأن الندوات نفسها ربما تكون تحت مؤثرات بعيدة عن الإبداع والعلمية، وإنما مؤثرات اجتماعية، فيتم إقصاء البعيد.
    بعد محادثتنا عبر فضاء التواصل الاجتماعي، أبدت رغبة كبيرة أن ترسل نسخًا ورقية إلى عناوين أصدقائي في كربلاء، عرفانًا منها لهم، وهو كرم منها وتواضع، بلا أدنى شك؛ تذكرتُ هذا حال قراءتي خبر فوزها بجائزة "لاغاردير". مثلما تذكرت شجاعتها، ففي غمرة الحصار الجائر على العراق، وهوس المعارضة برفض مَن يزور العراق، زارته أنعام كجه جي، وكتبت عن الطريق الدولي الرابط بغداد بعمان، مثنية عليه، غير مبالية بغضب العراقيين في باريس وسواها.
    إن مَن يكون إبداعها مادة نقاشية في منطقة نائية عنها، فبين باريس وكربلاء، مسافة أطول من أحلام ملايين البشر، لا بدّ وأن هذا الإبداع يستحق تتويجه بجائزة مثل "لاغاردير" وهي التي أخطأتها هل أقول ظلمتها، الجائزة العالمية للرواية العربية- البوكر غير مرة، لعل هذا الفوز يحثّ جوائز أخر أن تلتفت إليها، مثلما يحث النقاد العرب والجامعات العربية أن تدرس إبداعها وتحيطه بما يستحق من دراسة ونقد.
    أنعام كجه جي مثل معظم العراقيين، بدأت شاعرة، خانت القصيدة وأخلصت للسرد، فنجحت فيه نجاحًا واضحًا عبر ثلاثة أعمال روائية، روايتها الأولى "سواقي القلوب" صدرت في عام 2005 أي قبل بدء مسابقة الجائزة العالمية للرواية العربية- البوكر بثلاثة أعوام، "الحفيدة الأمريكية" و "طشاري" نافسا على القائمة القصيرة للبوكر العربية؛ هذه شجاعة أن تكون عراقيًّا وتخون القصيدة لا من أجل أدلجة ما أو نكوص نحو هوية، أو تملق لحاكم أو سلطات، بل من أجل إبداع، كثيرًا ما أشير إلى أنه فن غير عراقي.
    لم يخسر الشعر العراقي أنعام كجه جي شاعرة، لكن ربح العراق روائية أثبتت مع قلة من روائيين عراقيين معها، أن العراقيين قادرون على كتابة رواية بشروط عالمية، رواية تعدت المجالين العراقي والعربي لتصل إلى العالمية، هذه شجاعة تُحسب لها، وذكاء يدلّ على أن المبدع الحقيقي مغامر لا يركن إلى الدعة والقناعة، منقّب عن الجمال، يترك بصمته واضحة، فينقسم الناس حوله على فريقين، الأول وهم الغالبية، يعتزون به وقد يعدّونه إيقونة وطنية، وفريق يرمي إسقاطاته عليه فيلغيه، لكن المبدع يواصل مسيرته بثقة مَن كل خطوة له تعدّ إضافة حقيقية للإبداع، وهذا ما عليه الإيقونة العراقية أنعام كجه جي.

    صحيفة العرب اللندنية
    [نُشر في 2016/09/08، العدد: 10390، ص (14)]
    http://www.alarab.co.uk/article/%D8%A3%D9%81%D9%83%D8%A7%D8%B1/89459/%D8%A3%D9%8A%D9%82%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9
    http://www.alarab.co.uk/…/%D8%A3%D9%8A%D9%82%D9%88%D9%86%D8…

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 17, 2024 12:49 am