انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    وجدان عبدالعزيز: باسم فرات، الى النثر الجاد

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    وجدان عبدالعزيز: باسم فرات، الى النثر الجاد Empty وجدان عبدالعزيز: باسم فرات، الى النثر الجاد

    مُساهمة  Admin الأحد أكتوبر 24, 2010 4:40 am

    العين الشعرية الراصدة التي ترافق باسم فرات جعلته يستخدم إسلوب السرد الموضوعي في الكثير من أشعاره مما فض بكارة نرجسية الشعر وقربته من الشاعر الحكواتي أي الشاعر الشعبي الذي ما انفك يقنص عوالمه المحيطة، ليدلقها في ساحاته الشعرية يقول:
    (إلتحف أمانيك
    واتخذ من عزلتك سريرا
    هاهو نكوصك يتطاول)
    فهنا إستخدم إسلوب السارد العليم وبانت قدرته على هذا من خلال الشعرية التي تمس جمله مسَّ الشفافية والرقة...
    (أناملك تُسمع فيها الزقزقة
    وخفقاتك..
    قداس لتموز البابلي
    على كتفيك مواويل نخلٍ ودموع آسٍ)
    لكن باسم فرات تُغتصب شفافيته ويخرج من عرين الشاعر الذي يقتنص لحظات الشعر من مشتبك الذات الى محيط الحياة الساخن..
    (وفي لسانك خمسون قرناً من النحيب
    شرطي بهيئة شاعر
    جاهداً
    يقود الغبار الأعمى)
    ما الضرورة التي جعلت الشاعر أن يكون شرطيا؟ ماهي؟
    (سوى الدسائس والخيانات)
    ولإنه أيضاً عاش وسط مجتمع بوليسي جعلت أمنياته أي الشاعر أن يجعل نموذجه (جنرال بلباس رب عمل)
    ويخاطبه (ليسومك لغة المنفى ورائحة الثكنات)
    وتظل عين باسم فرات الشعرية ترصد حالاته النفسية وسط حصارات متعددة، حتى يصرح بحقيقة مرّة قائلا:
    (.. بينك والمآذن ذكريات وبحار وجيوش غزاة)
    فالشاعر مكبل في كل مفردات الحياة، لذا يقول:
    (أنت تقول: النهار عبودية
    تفرس مخالبها في فم الوقت
    فارقص على جثتك الى اخر الوهم)
    هذه إفرازات الحياة يحمل أوصابها باسم فرات وفياً صادقاً بمقتضيات الإيمان الحقيقي من أجل إعادة صناعة الحياة من جديد أي إستثمار..
    (ماضيك تقرعه بكل فطنة
    بينما أيامك المقبلات
    تتسربل بمدلهمات الثياب)
    ويقول: (اصغي له
    يوشك البوح أن يتهجد في لسانه
    الرقة ذابلة فيه)
    لأن (.. آيته النقاء) حتى ولو (يزهو بأخطائه
    ولياليه يطرزها الأسى
    وأقماره ملأى بالبكاء..)
    هكذا الشاعر يحمل نفسه بمشكاة الألم والأوصاب والحصارات المتعددة أنزلته من سماء الشاعر الى قاع الحياة، فبات يرسم معالمها المؤلمة التي جرته الى إستعمال الكلام المباشر الذي فقد بريق الشاعرية غير أن الشاعر يلتفت لهذا فيغوص في أعماق البحار وبدون قصد اللآلئ نفسها إنما تأملها وتأمل رونق البريق..
    (أغني للوردة
    بينما يحاصرني الحزن)
    ثم يقول: (العبق المنتشر كدبيب فوق ساقيك
    الحروف في بيتي
    لكن القصيدة تتهيكل)
    العبق والهم والحب: مفردات تخلق إشكالية إنبثاق القصيدة، وكلما إنحاز الشاعر للورد والحب كلما دخل آمنا في خيمة الشفافية، وعمق المضامين واستوالدها المعاني الموصلة..
    (ياله من جنون يختزل القصيدة
    أعني انتِ)
    (كل النساء اللواتي عرفت
    واللواتي سوف أسِمُ شهواتهن بحماقاتي
    شممن صهيل السواتر في زفيري)
    هكذا باسم فرات بين الصعود الفردوسي والنزول الأرضي في تلك المسافة يخلق إشكاليته الشعرية مدجناً بذلك قاموسه الخاص وفق رؤية التميز، ورغم أنه قد يعزف في نفس الالة لكن بتوزيع لحني جديد ليواصل محاولاته في الصعود...
    (تستغفلني الحرب، فتكنس أفراحي
    أمسك بالسراب)
    هذا التواصل بالتمسك جعل الشاعر (في أقصى الجنوب جنوب) مستفزا بذلك (.. هديل شفيف يلامس الورقة) و(أبواب تقودني الى البهاء) ..
    والحقيقة إن الشاعر يقودني أنا المتلقي وإرهاصاته الإنسانية الى (شهوة الخلود) بمعاناة الإنسان الشاعر الذي يبحث عن الحقيقة، فيصور مداخله ومخارجه وصعوده ونزوله بصور شعرية مباغتة قريبة مما يقول عنها العرب بالسهل الممتنع..
    (دلني....
    كيف أرسم بروقي فوق سريرك
    دلني..
    دلني أيها السواد)
    وهنا عكس البروق على السواد أو نادى السواد رغم أنه هو البروق وأنا أركب صهوة صوره الشعرية اظل تقصرني المسافات لاتحلى بالوان الاكتشاف مساقاً بدافع الحياة الناطق كما يقول فرويد وهو دافع الجنس الذي يستدعي التواصل مع الاخر ثم تكون الرؤى عند باسم فرات كالبندول متأرجحة بين دافع الحياة بصخبها وبين دافع الموت بصمته وأراه يؤسس لتكوين رؤية خاصة يحاول النظر إليها من خلال كوة من صناعة وضعه الخاص....
    1/ديوان أنا ثانيةً
    2/ديوان خريف المآذن

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 16, 2024 5:17 pm