قراءة لمجموعة الشاعر باسم فرات "أنا ثانية"
رغم قراءتي الأولى لمجموعة الشاعر باسم فرات أنا ثانية الا إنني أحسست أن هذا الشاعر المغترب مثخن بآلامه مدنف بحنينه الى وطنه ورغم الغربة خارج البلاد التي اختارها بنفسه كما ذكر في بانوراما إحتجاجاته لسيرته الذاتية في نهاية الكتاب.
عام 1996 إحتجاجا على عبثية وجودي في الأردن قدمت طلبا لقبولي لاجئا سياسيا أي أنه يختلف عن كثير من الشعراء والأدباء المغتربين الذين جاءهم المنفى وهم في ديارهم ويجب على كل قارىء أو ناقد عند قراءته أي مجموعة شعرية أو قصصية إظهار بعض المآخذ السلبية والاشارة الى نقاط الضعف والقوة في آن واحد.
ولكي أكون منصفاً يجب أن اتخذ هذا السبيل عند قراءتي أي منجز أدبي فعند قراءة مجموعة باسم فرات (أنا ثانيةً) لاحظت ثمة بعض المآخذ في هذه المجموعة سوف أتطرق إليها أولاً ثم ما أبدع به الشاعر باسم فرات ثانياً.
أولاً: خلو المجموعة مما يسمى بالضربات الشعرية التي يستفز بها القارىء أو المتلقي عدا قصيدة واحدة (ما يغني عن الاهداء) إذ يقول:
أبي
حزن عتيقٌ
أمي كتاب الحزن
حين فتحه أبي
خرجت أنا/ص5
ثانياً بعض القصائد جاءت بلغة غير شعرية ولم يكن فيها أي توظيف لغوي كقصيدة (زهد) التي زهد الشاعر بكتابتها ولم يأبه بها شكلاً ومضمونا ً
دع الجوائز لهم
دع المناصب لهم
دع الملابس الأنيقة جدا
تغطي كروشهم
دع لهم الحياة الكاذبة
دع كل شيء لهم/ص15
فكثرة الدعدعة من غير طائل أدى بالمفردات إنحطاطاً تنازليا الى مستوى الكلام العام أو الكلام العادي وتحول ثيمة القصيدة ووحدة موضوعها من الشعر الى اللاشعر
ثالثا النبرة الخطابية الصارخة/ ــ من مميزات القصيدة الحديثة يجب الاّ تكون خطابية لأن القصيدة النثرية خلقت للقراءة أي ما يسمى بقصائد مرئية غير مسموعة وللاسف الشديد نرى باسم فرات في أغلب قصائده مخاطباً أما لذاته أو لصديقه أولأمه أو لأبيه
أنت لا تدركين
ماذا يعني أن نترك قبلاتنا
فوق الرخام/ص9
ترجلي عن صهوة آلامي
بعيدا بعيدا بعيداً
إحملي متاعك
سأتوغل في لججك/ص16
إن هذه النقاط لا تعبر عن ضعف الشاعر أو عيب من عيوبه فلا توجد مجموعة شعرية أو قصصية خالية من نقاط الضعف والقوة.
أما ما أبدع الشاعر وهو الأغلب في مجموعته (أنا ثانيةً) هي الصور الشعرية، فقد أبدع الشاعر في رسم الصورالشعرية المختلفة التي امتلأت بها المجموعة، فلكل صورة تاثير وإحساس معين يختلف عن الصور الأخرى أما إختلاف الصور الشعرية يدل على أن الشاعر قد بذل جهدا فكرياً في رسم هذه الصور
لماذا معتمة رائحة الالفاظ
قبل أن ينوشها لسانك/ص14
وهذه الصوره تدل على نفور الكلمات قبل النطق بها وفي بداية القصيدة يقول
كيف إنزلقت من بين جفنيك
البلاد عارية
وانسلت الطرقات خلسة
بين خطواتك/ص12
إنظر كيف رسم الشاعر صورة للمنفى وكيفية اللجوء الى الغربة فجأة أما إذا ما أمعنا النظر في قصيدة بغداد الثانية نرى الشاعر قد إستحضر ماضي العراق بإكمله أمام عينيه ليس فقط مدينة بغداد حيث إن جلجامش ونبوخذ نصر وحمورابي ليس من تاريخ بغداد وعلي والحسن والحسين ليس لهم صلة ببغداد، إنما الشاعر جعل من بغداد رمزا للعراق بأكمله من شماله الى جنوبه
خيبات الجنوبيين
انتصار شماليين
جسر للمحبة وللموت أيضا/ص38
وثمة مفارقات لطيفة في هذه القصيدة إذ إن الشاعر لم يذكر فقط إباء النعمان أوحكمة علي أو تبغدد زبيدة او قانون حموابي ويترك الجانب السلبي من صفات القدح والظلم الجتماعي كلا بل ذكر الصراع التاريخي بكلا جانبيه حكمة علي وانخذال الحسن دم الحسين وسيف الحجاج رافضية الشيعة ونزق الحنابلة كأس أبي نؤاس وأنوار المعتزلة، وكل هذه الصفات مسبوكة في عالم من التناقضات حيث إن هذا الصراع التاريخي بين الخير والشر وبين العدل والظلم، فجميع هذه الصراعات كانت مترجمة على أرض الواقع العراقي آنذاك بل إن العراق هو مأوى للطواغيت ومنبع للرحمة
مستودع الطغاة
منجم الطيبة
يمر الفاتحون سريعا ببابك
وفي رحمك يتآكل الغزاة
بينما شفتاك
مباحة للشعراء/ص38
باسم فرات أثبت لنا موضع اقدامه في المعترك الأدبي من بين أدباء الخارج واستطاع أن يصل الينا بكلماته ومفرداته على عكس الكثير من الشعراء الذين لا يعرفهم أحد فقد كان إسلوبه سلساً مبسطاً غير مشفر ولم يجهد القارئ بقراءته ولم يكن مباشراً أيضاً
أما قصيدته (جبل تَرَناكي) فقد تقمص فيها روح الجبل إذ كان الشاعر يرى نفسه هو الجبل. لا يسعني الوقت أن أتحدث عن قصائد باسم فرات بأجمعها إلا أنني أقول قولاً واحداً بحقه (هو شاعر يستحق الاحتفاء به) .
رغم قراءتي الأولى لمجموعة الشاعر باسم فرات أنا ثانية الا إنني أحسست أن هذا الشاعر المغترب مثخن بآلامه مدنف بحنينه الى وطنه ورغم الغربة خارج البلاد التي اختارها بنفسه كما ذكر في بانوراما إحتجاجاته لسيرته الذاتية في نهاية الكتاب.
عام 1996 إحتجاجا على عبثية وجودي في الأردن قدمت طلبا لقبولي لاجئا سياسيا أي أنه يختلف عن كثير من الشعراء والأدباء المغتربين الذين جاءهم المنفى وهم في ديارهم ويجب على كل قارىء أو ناقد عند قراءته أي مجموعة شعرية أو قصصية إظهار بعض المآخذ السلبية والاشارة الى نقاط الضعف والقوة في آن واحد.
ولكي أكون منصفاً يجب أن اتخذ هذا السبيل عند قراءتي أي منجز أدبي فعند قراءة مجموعة باسم فرات (أنا ثانيةً) لاحظت ثمة بعض المآخذ في هذه المجموعة سوف أتطرق إليها أولاً ثم ما أبدع به الشاعر باسم فرات ثانياً.
أولاً: خلو المجموعة مما يسمى بالضربات الشعرية التي يستفز بها القارىء أو المتلقي عدا قصيدة واحدة (ما يغني عن الاهداء) إذ يقول:
أبي
حزن عتيقٌ
أمي كتاب الحزن
حين فتحه أبي
خرجت أنا/ص5
ثانياً بعض القصائد جاءت بلغة غير شعرية ولم يكن فيها أي توظيف لغوي كقصيدة (زهد) التي زهد الشاعر بكتابتها ولم يأبه بها شكلاً ومضمونا ً
دع الجوائز لهم
دع المناصب لهم
دع الملابس الأنيقة جدا
تغطي كروشهم
دع لهم الحياة الكاذبة
دع كل شيء لهم/ص15
فكثرة الدعدعة من غير طائل أدى بالمفردات إنحطاطاً تنازليا الى مستوى الكلام العام أو الكلام العادي وتحول ثيمة القصيدة ووحدة موضوعها من الشعر الى اللاشعر
ثالثا النبرة الخطابية الصارخة/ ــ من مميزات القصيدة الحديثة يجب الاّ تكون خطابية لأن القصيدة النثرية خلقت للقراءة أي ما يسمى بقصائد مرئية غير مسموعة وللاسف الشديد نرى باسم فرات في أغلب قصائده مخاطباً أما لذاته أو لصديقه أولأمه أو لأبيه
أنت لا تدركين
ماذا يعني أن نترك قبلاتنا
فوق الرخام/ص9
ترجلي عن صهوة آلامي
بعيدا بعيدا بعيداً
إحملي متاعك
سأتوغل في لججك/ص16
إن هذه النقاط لا تعبر عن ضعف الشاعر أو عيب من عيوبه فلا توجد مجموعة شعرية أو قصصية خالية من نقاط الضعف والقوة.
أما ما أبدع الشاعر وهو الأغلب في مجموعته (أنا ثانيةً) هي الصور الشعرية، فقد أبدع الشاعر في رسم الصورالشعرية المختلفة التي امتلأت بها المجموعة، فلكل صورة تاثير وإحساس معين يختلف عن الصور الأخرى أما إختلاف الصور الشعرية يدل على أن الشاعر قد بذل جهدا فكرياً في رسم هذه الصور
لماذا معتمة رائحة الالفاظ
قبل أن ينوشها لسانك/ص14
وهذه الصوره تدل على نفور الكلمات قبل النطق بها وفي بداية القصيدة يقول
كيف إنزلقت من بين جفنيك
البلاد عارية
وانسلت الطرقات خلسة
بين خطواتك/ص12
إنظر كيف رسم الشاعر صورة للمنفى وكيفية اللجوء الى الغربة فجأة أما إذا ما أمعنا النظر في قصيدة بغداد الثانية نرى الشاعر قد إستحضر ماضي العراق بإكمله أمام عينيه ليس فقط مدينة بغداد حيث إن جلجامش ونبوخذ نصر وحمورابي ليس من تاريخ بغداد وعلي والحسن والحسين ليس لهم صلة ببغداد، إنما الشاعر جعل من بغداد رمزا للعراق بأكمله من شماله الى جنوبه
خيبات الجنوبيين
انتصار شماليين
جسر للمحبة وللموت أيضا/ص38
وثمة مفارقات لطيفة في هذه القصيدة إذ إن الشاعر لم يذكر فقط إباء النعمان أوحكمة علي أو تبغدد زبيدة او قانون حموابي ويترك الجانب السلبي من صفات القدح والظلم الجتماعي كلا بل ذكر الصراع التاريخي بكلا جانبيه حكمة علي وانخذال الحسن دم الحسين وسيف الحجاج رافضية الشيعة ونزق الحنابلة كأس أبي نؤاس وأنوار المعتزلة، وكل هذه الصفات مسبوكة في عالم من التناقضات حيث إن هذا الصراع التاريخي بين الخير والشر وبين العدل والظلم، فجميع هذه الصراعات كانت مترجمة على أرض الواقع العراقي آنذاك بل إن العراق هو مأوى للطواغيت ومنبع للرحمة
مستودع الطغاة
منجم الطيبة
يمر الفاتحون سريعا ببابك
وفي رحمك يتآكل الغزاة
بينما شفتاك
مباحة للشعراء/ص38
باسم فرات أثبت لنا موضع اقدامه في المعترك الأدبي من بين أدباء الخارج واستطاع أن يصل الينا بكلماته ومفرداته على عكس الكثير من الشعراء الذين لا يعرفهم أحد فقد كان إسلوبه سلساً مبسطاً غير مشفر ولم يجهد القارئ بقراءته ولم يكن مباشراً أيضاً
أما قصيدته (جبل تَرَناكي) فقد تقمص فيها روح الجبل إذ كان الشاعر يرى نفسه هو الجبل. لا يسعني الوقت أن أتحدث عن قصائد باسم فرات بأجمعها إلا أنني أقول قولاً واحداً بحقه (هو شاعر يستحق الاحتفاء به) .