منذ ستة أشهر أو يزيد وأنا منغمر في مشروع حواري طويل ومتشعب مع الشاعر العراقي المغترب ( باسم فرات ) ستكون حصيلته _ لو أنه اكتمل حسب المخطط _ كتاب جديد يضاف الى مجموعة الكتب الحوارية التي أصدرتها أو هي في سبيلها الى الصدور , والملفت لي في سيرة هذا الشاعر الشاب ( من مواليد كربلاء 1967 ) أنه استهل تجربته الشعرية بشكل يفترق تماماً عما ألفناه أو تابعناه لدى باقي الشعراء، إذ نراه يندفع ( وعبر ترسيمة مخططة ومدروسة بوعي حاد ) في تجوال جغرافي طويل بين البلدان والقارات منذ سبعة عشر عاماً كان خلالها يقلب الجغرافيا لا كزائر بل كباحث عن توازن مفقود وعالم نخره الفقدان ولهذا نجد باسما لا يني يتجاسر على ارتكاب الترحال وفق نهج سندبادي معاصر : ترك أولاً العراق سنة 1993 إلى عمّان ولازمها طوال أربع سنوات ، ثم دفعته منظمات اللجوء الى ( جنوب الجنوب ) وتحديداً الى ( ولنغتن )العاصمة النيوزلندية سنة 997 ، ثم نراه يقفز قفزة قدرية الى أقصى الشرق والى مدينة هيروشيما اليابانية.. فيمكث متنفسا ترابها النووي ومسترجعا محنتها الكونية لثلاثة أعوام ويقول هو عنها ( أعدها الأخصب في حياتي فهي فترة استرخاء وقراءات وتأمل .. ) ثم يفاجئ الجميع بإقامته منذ عامين في دولة ( لاوس ) ولا نعلم أين ستكون محطته القادمة !.
وفي الحوار الذي نشرته الصفحة مع الشاعر باسم فرات في العدد الماضي نجد أنه لامس جوانب عدة من تجارب الشاعر ورؤيته للعالم وعلاقته بالمدن والشعر والتاريخ لكن ثمة ملمحاً مهماً أشره كنسيج يجمع خصائص وعيه وإحالات تجاربه وأعني بذلك حقيقة المنفى وأثره وعلاقته في راهنه وماضيه، إذ يقول بما بشبه الاعتراف إن المنفى سلاح ذو حدين، فأما أن يبتلعك وتنتهي كما حدث مع الكثير من الكٌتّاب ممن كنا نرى نشاطهم ونتابع كتابتهم، وإذا بهم يصمتون، أو تتراجع لديهم الموهبة، فيجترون كتاباتهم ومنجزهم، أو هو إثراء لك حين تهضم الثقافة الجديدة والمكان الجديد، فيضيف لتجربته وهجاً مختلفاً تجعله يعبر لمرحلة إبداعية جديدة ، وفي ظني أن كلامه هذا يفسر بوضوح لماذا كانت التجربة الشعرية لباسم فرات تمتلك كل هذه الحظوة بين الشعراء العراقيين والعرب الذين تناولوا شعره وقصائده من خلال الدراسات والحوارات بل إن كثيراً من الأصوات الشعرية خارج اللغة العربية انتبهت لموهبته وأشادت بدواوينه التي ترجمت الى أكثر من لغة عالمية لما تمتلكه من خصوصية في اللغة والصورة والدلالة .
ومع أنني اطلعت على عشرات المقالات التي تناولت فرادة شاعرنا الشاب إلا أنني لم أجد أي إشارة صريحة تعكس أثر ( الوطن الجديد ) كما يقول في أحدث قصائده على مستوى تجربته ككل: إنسانياً وروحياً وإبداعياً وهذا ما يؤشر تقصيراً نقدياً فادحاً، فمثلا لماذا اختار باسم مدينة (هيروشيما اليابانية) لكي يقيم بها ( وفي قول آخر يلجأ للتماهي مع فجيعتها النووية )؟ المعنى الوحيد الذي توصلت أليه يكمن في مفردة ( الساموراي ) : فالساموراي هو اللقب الذي يطلق على المحاربين القدماء في اليابان، وتحديداً تعني كلمة "ساموراي" في اللغة اليابانية "الذي يضع نفسه في الخدمة" ثم جرى لاحقاً تعميم هذه الكلمة على كل الرجال المحاربين في اليابان... ومن يتأمل مفاصل السيرة الإبداعية والحياتية للشاعر سيخلص الى تخريجة مفادها أنه أعطى في شعره ومواقفه وبحوثه المنشورة لاسيما تلك التي تخترق مراحل التاريخ العراقي المجهولة أو المسكوت عنها صورة جلية عن الشاعر / الساموراي الذي يستظهر الشعر بعدة المحاربين ومن الواضح أننا إزاء شاعر يجتهد ويستعذب الخسارات ولا يكل عن منازلة المحن والفجائع بل والفضائح لكي (( يضع نفسه في الخدمة))، ولكن أية خدمة أعني ؟! أقصد هنا أن شاعرنا الكربلائي الساموراي يبحث كأسلافه اليابانيين عن معنى لوجوده لن يتجسد إلا بدور المحارب في سبيل الذود عن حقائق مدحورة إن كانت في هيروشيما البازغة من حقول الأزل النووي أو مستباحة في كربلاء النشأة والولادة .. عاصمة التعازي والدموع !!.
وفي الحوار الذي نشرته الصفحة مع الشاعر باسم فرات في العدد الماضي نجد أنه لامس جوانب عدة من تجارب الشاعر ورؤيته للعالم وعلاقته بالمدن والشعر والتاريخ لكن ثمة ملمحاً مهماً أشره كنسيج يجمع خصائص وعيه وإحالات تجاربه وأعني بذلك حقيقة المنفى وأثره وعلاقته في راهنه وماضيه، إذ يقول بما بشبه الاعتراف إن المنفى سلاح ذو حدين، فأما أن يبتلعك وتنتهي كما حدث مع الكثير من الكٌتّاب ممن كنا نرى نشاطهم ونتابع كتابتهم، وإذا بهم يصمتون، أو تتراجع لديهم الموهبة، فيجترون كتاباتهم ومنجزهم، أو هو إثراء لك حين تهضم الثقافة الجديدة والمكان الجديد، فيضيف لتجربته وهجاً مختلفاً تجعله يعبر لمرحلة إبداعية جديدة ، وفي ظني أن كلامه هذا يفسر بوضوح لماذا كانت التجربة الشعرية لباسم فرات تمتلك كل هذه الحظوة بين الشعراء العراقيين والعرب الذين تناولوا شعره وقصائده من خلال الدراسات والحوارات بل إن كثيراً من الأصوات الشعرية خارج اللغة العربية انتبهت لموهبته وأشادت بدواوينه التي ترجمت الى أكثر من لغة عالمية لما تمتلكه من خصوصية في اللغة والصورة والدلالة .
ومع أنني اطلعت على عشرات المقالات التي تناولت فرادة شاعرنا الشاب إلا أنني لم أجد أي إشارة صريحة تعكس أثر ( الوطن الجديد ) كما يقول في أحدث قصائده على مستوى تجربته ككل: إنسانياً وروحياً وإبداعياً وهذا ما يؤشر تقصيراً نقدياً فادحاً، فمثلا لماذا اختار باسم مدينة (هيروشيما اليابانية) لكي يقيم بها ( وفي قول آخر يلجأ للتماهي مع فجيعتها النووية )؟ المعنى الوحيد الذي توصلت أليه يكمن في مفردة ( الساموراي ) : فالساموراي هو اللقب الذي يطلق على المحاربين القدماء في اليابان، وتحديداً تعني كلمة "ساموراي" في اللغة اليابانية "الذي يضع نفسه في الخدمة" ثم جرى لاحقاً تعميم هذه الكلمة على كل الرجال المحاربين في اليابان... ومن يتأمل مفاصل السيرة الإبداعية والحياتية للشاعر سيخلص الى تخريجة مفادها أنه أعطى في شعره ومواقفه وبحوثه المنشورة لاسيما تلك التي تخترق مراحل التاريخ العراقي المجهولة أو المسكوت عنها صورة جلية عن الشاعر / الساموراي الذي يستظهر الشعر بعدة المحاربين ومن الواضح أننا إزاء شاعر يجتهد ويستعذب الخسارات ولا يكل عن منازلة المحن والفجائع بل والفضائح لكي (( يضع نفسه في الخدمة))، ولكن أية خدمة أعني ؟! أقصد هنا أن شاعرنا الكربلائي الساموراي يبحث كأسلافه اليابانيين عن معنى لوجوده لن يتجسد إلا بدور المحارب في سبيل الذود عن حقائق مدحورة إن كانت في هيروشيما البازغة من حقول الأزل النووي أو مستباحة في كربلاء النشأة والولادة .. عاصمة التعازي والدموع !!.