انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    أدونيس والسيد الرئيس...إشكالية المثقف والسلطة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

     أدونيس والسيد الرئيس...إشكالية المثقف والسلطة Empty أدونيس والسيد الرئيس...إشكالية المثقف والسلطة

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أكتوبر 26, 2010 9:34 pm

    لا يوجد في زيارة الكبير أدونيس للعراق، ما يوجب الاعتراض عليها من وجهة نظري، وإلا فعلى من يعترض محاسبة كل الذين زاروا العراق في الأربعين سنة الأخيرة. لكل أديب الحق في تلبية أي دعوة توجه له، أو سنقع في إشكاليات كبيرة، وتجريم الاف الأدباء في العالم العربي، من هنا فأنا اختلف تماماً مع مَن هاجموا الكبير أدونيس لأنه قال ب " انقراض الحضارة العربية " أولاً لأن بعضهم ولا أقول جميعهم، أخذته الحماسة البدوية، وثانياً لأن بعضهم من دافع عنصري، اعترض على المقولة لأنها لم تقل في عاصمة عربية، وإلا فلماذا لم يعترضوا حين رددها في القاهرة ودمشق وبيروت، وأتساءل مع نزار آغري: ولكن ماذا لو انضم الكردي إلى تلك الطاولة: ماذا يمكنه أن يقدمه؟(1)، بل وأضيف: ماذا لو جلس السرياني والأرمني والفارسي والعربي والتركي والكردي الى طاولة أخرى، ما الذي يستطيع الكردي عندها أن يتفاخر به ماضياً وحاضراً أمام بقية الجالسين؟، أليست نسبة مساهمته لا تزيد عن نسبة مساهمة العربي أمام الأوربي والأمريكي، راجياً أن لا يسيء فهمها العنصريون من هذه الفئات المذكورة، فنحن ما زلنا شعوباً استهلاكية، لا إنتاجية، تحكمنا العلاقات القبلية الرعوية (سهلية وجبلية) في مناحي حيواتنا كلها.
    وأدونيس ليس أول من قال هذا ولا آخرهم، وهم يتناسون أن النقد هو السبيل الأنجع لنهوض " الأمة "، كما أن المكان هو أرض عراقية تاريخية لا غبار على عراقيتها، بل أن أربيل رمز عراقي حقيقي، فهذه المدينة الآشورية تحولت إلى آرامية ومن ثم سكنها العرب جنباً إلى جنب سكانها الأصليين، ثم توافد عليها التركمان وشكلوا فيها غالبية مطلقة على امتداد أكثر من ثمانية قرون، حتى الثلث الأول من القرن العشرين، لتتخلى رويداً رويداً إلى الوافدين الجدد من جبال زاغروس وما وراءها شرقاً وشمالاً، ومع الهجرة الكثيفة لسكانها الأصليين، وهجرة أعداد كبيرة من التركمان، منها شَكّلَ الأكراد أكثريتها اليوم.
    سوف أناقش كمتلق، بل كأحد الذين تعلموا الكثير من هذا المبدع الكبير والمثقف الإشكالي، أهمّ ما في الزيارة من وجهة نظري، والتي لم تناقش حسب اطلاعي، أو في الأقل، أنها لم تناقش بما تستحق.
    ذكر أدونيس أنه لم يقابل أي زعيم في العالم العربي، إذ أن الخبر نص على " أعرب أدونيس عن سروره وإعتزازه بلقاء الرئيس طالباني، الذي أكد بأنه أول رئيس جمهورية يلتقيه ويفتخر بلقائه، مثمناً دوره في قيادة العراق الجديد "(2)، هذا الخبر هو الذي يضطرنا إلى أن نضعه في الميزان ونقارن السيد جلال الطلباني ببعض زعماء العالم العربي، لكي يكون حكمنا على زيارة أدونيس أو الأهم ما فيها موضوعياً من وجهة نظري، على اعتبار أن الشاعر والمفكر أدونيس، يرفض مقابلة زعماء العالم العربي، لأسباب تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتقدمية .. الخ.
    مَن منا لم يسمع بمجزرة بِشتآشان، تلك التي تعد بحق أبشع مجزرة في تاريخ العراق الحديث في الأقل، إذ لم يذكر لنا التاريخ أن شباناًً متعلمين تركوا وظائفهم ومقاعد دراستهم وعوائلهم، ومنهم مَن كان يدرس في بلدان أوربية، وعادوا إلى العراق محاربين الى جانب قوات السيد جلال الطلباني ضد " الدكتاتورية البعثية الصدامية والشوفينية العروبية " وإذا بهم يذبحون كما الخراف، ولم يسلم حتى الأسرى الذين لم يسلموا من الذبح، وهنا لا أريد تأكيد مقولة تنسب ربما زوراً للسيد جلال الطلباني، ألا وهي " نظفوا كردستان من العربكان "، لأني لا أملك وثائق كافية تؤكدها، بالرغم من أن أحد الضحايا الناجين، أكدها لي في رسالة خاصة, ولا أريد إضفاء الطابع العنصري الشوفيني على المجزرة، ولكنها فعلاً أبشع مجزرة، هذه التي كانت ثمناً لتحالف طالباني مع نظام بغداد، والحصول على امتيازات، أقل ما يُقال عنها، انها فتاتٌ، إذا ما قورنت بدماء الضحايا الذين استشهدوا وبالفعل ذاته، فبالرغم من كل ما قيل عن نظام صدام حسين، فإنه كان يُثمّنُ أولئك الذين عملوا معه وناصروه، وهو ما ينطبق على غالبية الزعماء العراقيين والعرب(3).
    هناك زعماء عدة في العالم العربي، لم يبلغ عدد من أعدموهم طوال سنوات حكمهم عدد ضحايا بِشتآشان، كما أنني أرى أن السياسي هو مَن ينبغي له أن يفخر بلقاء قامة مثل أدونيس، وليس العكس.
    لو أجرينا مقارنة بسيطة بين جلال الطلباني وسلفه صدام حسين، سنلاحظ بدون أدنى شك أنهما ينتميان لمنظومة واحدة، فكلاهما ينحدر من بيئة رعوية متريفة لم تَتَشَرّبْ قِِيَمَ المدينة بل العكس، جلبوا المتخلف من قراهم وعمموا نمطهم المتريف ذا الجذور الرعوية على المدينة، ونهجهم السياسي، مهمشين أبناء المراكز، بدل تنمية الريف والأطراف عموماً، لاذابة الفوارق بينها وبين المركز، فهما أساءا لجذورهما الأثنية والبيئية معاً، بالرغم من أنه لا أحد ينكر ان صدام حسين يتحمل المسؤولية الكبرى في هذا الأمر، لا سيما وأنه لم يقدم للريف والأطراف على مدى 35 عاماً ما يساعدها على النهوض الذي تستحقه، بل إنه هو الذي خلق طبقة مُتريفة في المدن عسر اندماجها في المجتمع، وهو عكس ما حدث في مدن العالم العربي العريقة كالقاهرة ودمشق وبيروت. ولكن ما الذي فعله الطالباني لمحافظة السليمانية التي يُسيطر عليها سيطرة تامة منذ عام 1991 ؟!! هل ذابت الفوارق، بين مركزها وأطرافها؟!، وهل تحولت الى محافظة نموذجية، تجعلنا ندعو الى تعميم تجربتها على بقية المحافظات العراقية؟!!، حتماً الجواب هو النفي التام.
    وكلاهما قبض على زمام الأمور في حزبه بقبضة حديدية، وجعل للعائلة والعشيرة والجيران النصيب الأوفر. كما لو أنهما يُسيران قبيلة وليس حزباً، فصدام حسين، ترأس مناصب عدة في آن واحد، وأطلق أيدي أخوته غير الأشقاء وأقاربه بصلاحيات واسعة، نموذج برزان أولاً ومن ثم حسين كامل وعلي حسن المجيد، ثم ولديه عدي وقصي، ولا تقل صلاحيات الطالباني عن صلاحيات سلفه ولكن في حزبه، وكذلك دور زوجته وإبنه، بل أن إبن أخيه صَرّحَ للإعلام، بالرغم من أنه ليس عضوا في الاتحاد الوطني، بخصوص الخلافات الأخيرة التي عصفت بحزبه(4) وهو ما يَدلّ على العقلية البدوية الاستحواذية. كما أن كليهما انتمى إلى التيار القومي الذي استمد تجاربه من تجربة الحزب الوطني الاشتراكي في ألمانيا النازية، ممزوجة بحس البداوة وعصبيتها، وميراث الشرق السلبي في الإدارة والنظر للآخر، وللوطن كمُلك يمين.
    في سبعينيات القرن الماضي تنازل صدام حسين لشاه إيران عن نصف شط العرب، وفي تسعينياته دعا الطلباني إلى ضمّ السليمانية وأربيل ونوهدرا – دهوك، إلى تركيا كونفدرالياً؛ كلاهما تصرف من منطلق الناظر للوطن على أنه مُلك يمين، وليس وطناً.
    صدام حسين رفض التنازل لأبناء شعبه كما رفض الإيمان بتنوع المجتمع العراقي، ولو كان قد قدم أي تنازل في هذا الاتجاه مهما كان حجمه وشكله، لكان هامشاً يضاف للوطن العراقي ولثوابت الأمة العراقية، وما كان ليكون كما التنازل للغريب.
    عن العقلية ذاتها انطلق العرض الذي تقدم به جلال الطلباني لتركيا، مع أنه عرض لم ينفذ لأن الوضع المحيط بالمنطقة غير مؤهل لتقبل تجربة كهذه التي لن تلقى مصادقة أيضاً من الوضع الدولي بصورة عامة، فخطوة كهذه من شأنها أن تفتح الباب على مصراعيه لصراعات لا نهاية لها ولا طائل تجنيه تركيا منها.. وإذا كان صدام حسين يؤمن بانتمائه للعروبة، ويرى أنها تمثل ثلاثة أرباع العراق سكانياً تقريباً، وتشكل ما يقرب من تسعين بالمئة من ميراث وتراث العراق ثقافياً، فضلا عن العمق التاريخي للعرب فيه الممتد لقرون طويلة(5)، ولعشرات الأجيال، فإن جلال طلباني هو ابن المدينة الكردية الأقدم في العراق، التي بنيت في عام 1786 م، أول مدينة بل المحافظة الكردستانية الوحيدة في العراق، وقد دخلت ضمن كردستان في القرن السابع عشر، عكس بقية المدن والمحافظات التي لم يُشكل الأكراد فيها النسبة الغالبة إلا قبل عقود بسيطة، لعبت هذه المدينة دورا في مجازر الحرب العالمية الأولى بحق المسيحيين، ومن ثم مأساة سُمّيل في آب عام 1933، وماجلبه انقلاب تموز 1958 من عنف استمر حتى هذه اللحظة والى ما شاء العقل الإقصائي أن يستمر، في هجرة أعداد هائلة من سكان شمال العراق، أضعاف ما هاجر من الأكراد، إضافة إلى هجرة هائلة من الريف والمناطق الجبلية الوعرة للمدينة، مما أوجد حالة خلل سكانيّ، تحولت بموجبه مناطق كثيرة إلى غالبية كردية، وهي لا تملك حتى واحد بالمئة من آثار وميراث وتراث عدد من هذه المدن، ولكن السيد جلال الطالباني، أحب أن يقدمها كلها لتركيا، أي انه لا يختلف عن سلفه، بدل الحل داخل البيت العراقي، وتقديم التنازلات ضمن الوطن الواحد، آثر الخارج الذي لو ابتلع شيئاً فإنه لن يرده.
    صدام حسين لم يكن بإمكانه أن يتحول إلى رئيس العراقيين جميعاً، بما يجعلهم يشعرون بأن هذا الرجل يمثلهم تمثيلاً حقيقياً، بل إن ما هو واضح أن شرائح كبيرة من المجتمع العراقي كانت ترى فيه طاغية، حاملاً لإرث الفرقة الناجية، مما يعني أن العراقيين إما كانوا مؤمنين ( وهم المؤيدون والمتقبلون لأوامره ونواهيه كقيمة عليا، تدل على عبقرية صاحبها ) وإما كافرين ( أي عكس الفئة الأولى ). وها هو السيد جلال طالباني ورغم الفرصة التاريخية التي منحت له لكي يكون أباً لكل العراقيين، ومُكفراً عما أرتكب من أخطاء، نراه لا يستطيع أن يتخلص من الإرث الثقيل الذي يرزح تحته، وله الحق أحياناً فهو بشر وضحية والضحية عادة تقلد جلادها، وإذا نظرنا لتكوينه العقائدي، هذا التكوين الذي ترعرع في حضن هياج عاطفي قومي لدى جميع الفئات اللغوية التي تتعايش في المنطقة، تَوَضّح لنا إصرار السيد طالباني وبقوة حين كتابة القانون الأساس للدولة العراقية، بوجه مقولة العراق جزء من الوطن العربي والأمة العربية، وله مطلق الحق في ذلك، فما ذنب الكردي أن يكون عربياً((أعني بالعربي حسب مفهوم القوميين العرب، إذ هناك فرق بين العروبة كهوية ثقافية وفضاء حضاري، هي في جوهرها نتاج تلاقح وتزاوج جميع الامم والثقافات من الصين الى جنوب فرنسا، وللأكراد دورهم فيها، وبين القومية العربية حسب المفهوم " العرقي " بالذات.)، ولكن أليس لا ذنب للتركماني والسرياني والعربي والشبكي والأرمني أن يكون كردياً أو كردستانياً، فتسمية شمال العراق بكردستان، وبدون تحديد للمناطق التاريخية وتفريقها عن المناطق التي تحولت الى غالبية كردية حديثاً، أي بعبارة أخرى ترك المصطلح سائباً ومفتقراً للدقة والإتفاق بين جميع الأطراف، إنما هي جريمة لا تقل شوفينية وعنصرية عن تسمية الوطن العربي واعتبار العراق جزءاً من كلّ، وشعار من المحيط الهادر الى الخليج الثائر رايات عبد الناصر أو رايات البعث الصدامي.
    لا بدّ أن السيد جلال طالباني يتذكر جيداً، حين كان لا يزال فتى لم يبلغ الحلم بعد، جموع الشباب من قريته ومئات القرى الجبلية الأخرى، كيف بدأت تتوجه للعمل كعمال في شركة النفط، أو تتطوع في الجيش والشرطة وسواها من مؤسسات الدولة حديثة الإستقلال، العائمة على بحيرات من النفط، واستمر هذا النزوح كحالة طبيعية لتحسين الوضع الاقتصادي وربما الإجتماعي للافراد، إن كانوا من ريف الجبال أو ريف السهول، ولكنه مع ذلك بخصوص كركوك(6)، لم يستطع أن يكون عراقياً أولاً، وهو الرجل الأول في سُلّم الوظائف العراقية، وان منصبه كرمز لوحدة العراقيين، لم يمنعه من أن يكون قومياً يستمدّ من سلفه ذات النهج الذي تربيا عليه.
    شخصياً لا أرى أن الطالباني هو الأفضل بين رؤساء العالم العربي. وربما كان الكبير أدونيس يعني أن الطالباني هو الرئيس المنتخب، ومقابلته له وأن افتخاره بهذه المقابلة هي ترميز للديمقراطية في العراق، وانتهاء زمن الحاكم الأوحد الذي بيده كل شيء، ولكن مهلاً، أليس رئيس لبنان، ينتخب وعلى التوافق الطائفي البغيض ذاته، وأنه لا يملك صلاحيات مطلقة.
    وماذا عن الكويت؟ ألا تملك ديمقراطية، وكانت الآمال معقودة على تطورها، لولا غزو صدام حسين لها، الذي ساعد على صعود الأصولية فيها منذ ذلك التاريخ حتى أثلج صدورنا فوز أربع نساء في مجلسها النيابي الحالي (2009 ).
    أخيراً يبقى أدونيس كبيراً وقد تعلمنا من منجزه ما يحق لنا الفخر به، وأن الخلاف في وجهات النظر لا يفسد ما بيننا وبينه من علاقة حميمة.


    هوامش
    1- نزار آغري: ما لم يقله أدونيس عن «زيارته» إلى كردستان العراق، صحيفة الأخبار اللبنانية
    السبت 16 آيار 2009
    http://www.al-akhbar.com/ar/node/135536
    2-رابط الخبر
    http://www.iraqipresidency.net/news_detial.php?language=arabic&id=7178&type=news
    3- للاطلاع على مزيد من المعلومات، انظر موقع بشتآشان
    http://web.comhem.se/kut/Beshtashan-makalat.htm
    4- (آراز الشيخ جنكي ابن شقيق جلال طالباني، أدلى بتصريحات لصحيفة هاولاتي المستقلة الناطقة باللغة الكردية، و ان زوجة جلال طالباني هيرو إبراهيم على صلة قوية بالخلافات الداخلية وانها تعمل على تنظيم كارتلات داخلية قد تتسبب في شق التنظيم الذي كان الى وقت قريب من أقوى التنظيمات الكردية في شمال العراق. http://www.karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=45334 )
    5- Von Karl-Heinz Ohlig: Der frühe Islam ،2007 ، من الصفحة 16 حتى 19، والكتاب اعتمد دراسة انكليزية:
    Robert G. Hoyland: Arabia and Arab, London2001,
    وفيه تأكيد على أن الحَضَرَ – قضاء تابع لمحافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل - مصدر العرب حيث يسمى ملكها آنذاك:" ملك الحضر والعرب جميعاً "، والمقصود عرب الجزيرة شمال الرافدين.( مدين بهذا الهامش للصديق الباحث نادر قريط، فَلَهُ جزيل الشكر).

    6- حنا بطاطو: العراق، الطبقات الاجتماعية،الكتاب الثالث، الشيوعيون والبعثيون والضبّاط الأحرار صفحة 224.ط1، مؤسسة الابحاث العربية، بيروت 1992. وهذا نص ماذكره بطاطو مع الهامش:
    وكان للشيوعيين دور ناشط في انفجار الأحداث ، ولكن كأكراد ، لاكشيوعيين . ولم تكن الأهداف التي سعى هؤلاء إلى تحقيقها أهدافاً شيوعية ، بل كردية. وكانت شيوعيتهم ، في معظم الحالات ، شيوعية سطحية. ويبدو ان ماحدث ، في الواقع ، كان أن الأكراد طوّعوا كل المنظمات المساعدة للحزب الشيوعي لخدمة أغراضهم ، أي خدمة نزاعهم القاتل مع منافسيهم التركمان . وتقع كركوك ، وهي مركز نفطي ، على بعد 180 ميلاً ( 280 كيلومتراً ) الى الشمال من بغداد .وكانت مدينة تركية بكل ما في الكلمة من معنى حتى ماضٍ غير بعيد . وأنتقل الأكراد تدريجياً من القرى القريبة إلى هذه المدينة. وتكثفت هجرتهم إليها مع نموّ صناعة النفط.وبحلول العام 1959 كان الأكراد قد أصبحوا يشكّلون حوالي ثلث السكان ، بينما انخفض عدد التركمان إلى مايزيد قليلاً على النصف . وكان الآشوريون والعرب هم بقية السكان أساساً ، الذين يصل مجموعهم الى حوالي 120 الف نسمة. وشهدت مدن تركية اخرى مثل أربيل ، عملية مشابهة . ولقد "تكردت"( أصبحت كردية ) أربيل نفسها الى حد كبير، وحصل التغيير سلماً.أما أهل كركوك ، فكانوا أصلب عوداً وحافظوا على روابط ثقافية حميمة مع تركيا وتوحدوا من خلال شعور أعمق بالهوية العرقية . أظهر الاحصاء الرسمي للعام 1957 أن عدد السكان كان 120402 نسمة، منهم 12691 مسيحياً وكان البقية من المسلمين، باستثناء بضع مئات من الصابئة واليزيدية والطوائف الأخرى: العراق، وزارة الداخلية ( التصنيف الإحصائي المتعلق بتعداد السكان عام 1957 ) الجزء1 ، القسم 4 ، ص 170 .


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 17, 2024 12:39 am