انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ناظم السعود: التفوّق الشعري .. والبؤس في التلقي!

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    ناظم السعود: التفوّق الشعري .. والبؤس في التلقي! Empty ناظم السعود: التفوّق الشعري .. والبؤس في التلقي!

    مُساهمة  Admin الثلاثاء يونيو 19, 2012 10:07 am


    شاركتُ قبل أيام في الندوة التي أقامها (نادي الكتاب) بكربلاء المقدسة احتفاء بعودة الشاعر العراقي المغترب باسم فرات الى وطنه ومدينته، ولئن جرت فقرات الندوة كما هو معتاد في مثل هذه اللقاءات: كلمات وشهادات وقراءات نصوصية ثم انصراف (!) فكانت مناسبة أخرى لتضاف خيبة جديدة لما شاهدته ولمسته من خيبات سابقات اكاد احصرها في مفهوم خاص اسميه (بؤس التلقي) السائد والمهيمن على حركتنا الثقافية منذ عقود وعهود وكأننا في قبضة قانون إجباري لا يمكن رده أو تجاوزه فحواه في تسطيح المنجز الأدبي والذي قد يصل الى مرتبة الريادة من خلال التعامل الشكلي والتنويه العجول مما يطفئ الأثر ويفرّغ الإبداع من تفوقه!
    في الندوة المذكورة تأكدت مرة أخرى أننا (أو بصورة أدق الذين يتصدون لإقامة هكذا احتفاءات) نجهل تماما أصول فن تقديم إبداعنا إلى الداخل والخارج إلى حد أنني قلت سابقا (ان الاحتفاء صناعة ليست عراقية!) فما أكثر الإبداعات العراقية التي فرضت نفسها بقوة إرادة أصحابها وليست بسبب إمارات التلقي فهي بائسة او مشككة! وسأضرب مثلا على هذه التخريجة القاسية بما حصل ويحصل لشاعر قدير نال بجهده الذاتي وتجاوزه لمحنه الشخصية والوطنية مكانة وتوقيرا لا يستحقهما إلا عشاق التنوير والتجلي والمكانة الفضلى في منطقة الضوء العام واعني به الشاعر المحتفى به باسم فرات، هذا الشاعر التسعيني كان عليه أن ينتفض على جغرافيته الطاردة ليحفر تاريخه الخاص في المنافي الى حد أن يشيد الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف بقوله: (لقد وجد باسم فرات طريقه المتفرّد، في المشهد الشعري العراقي الرائع في المنفى)، ثم جال العالم ليهضم الثقافات ويعايش الشعوب شرقيها وغربيها ويستوعب الرؤى وخلاصات المراحل ثم يجهر بإشعاره بمختلف اللغات حتى ليكتب عنه الناقد والأكاديمي العراقي البارز الدكتور حاتم الصكر هذا التنويه البليغ (المناخ الذي تأخذنا إليه قصائد باسم فرات لا تثير فحسب: روائح الماضي وخسائره، ولا تعلّات المنفي وكمائنه، بل تستقدم الشعر من مناطق قصيّة في الذاكرة، يمسّها الشعر فتغدو عذبة كلفح عذابها ومرارةِ عنائها القائم المستمر) ثم أعلن الشاعر الطليعي سركون بولص شهادته عنه قبل فترة وجيزة من رحيله في المنفى (هو شاعر لا يني يطعّمُ حاضره بماضيه، ويُغني ما مضى بما يأتيه من وقائع جديدة).
    واللافت هنا ان باسم فرات، الذي تجول وأقام في اثنتين وعشرين دولة وهو بهذا يستحق ان يكنى بالسندباد الشعري كما وصفته أنا في هذا المكان العام الماضي، أصبح مواطنا عالميا بحكم الارتباط المدهش الذي أبداه مع مختلف المدن والثقافات والتفنن الشعري الذي يشي بقبول مبادئ التعايش والمصالحة والتجاوب الإنساني فكأنه يقطن قرية كونية لا خطوط تحدها ولا اختلافات تعتريها او عقد وثارات تسفح ماضيها على حاضرها، ولهذا كان من المفهوم توالي الاحتفاءات به في مختلف دول العالم من خلال إعادة طبع دواوينه وعقد المؤتمرات والإشارة اليه في المناهج والانطولوجيات وكتابة الدراسات حتى ان الشاعر البريطاني ستيفن ووتس نشر شهادة موثقة يقول في مقطع منها «يستحق كتاب (هنا وهناك) المديح لأنه يمد الأبعاد الدقيقة للشعر في العالم وهو دليل على تكامل تجربة الشاعر وعمله في المنفى, وقد استطاع باسم فرات ان يجعل مختلف المشاعر عن العراق البعيد جدا تتراقص معا..»، في حين يقر علانية شاعر امريكي مرموق هو لويس سكوت بهذه الخلاصة الهامة «لا نحتاج إلى شعراء يرسمون صورا جميلة عن الأزهار والحب والرغبة، بل شعراء مثل باسم فرات الذي يقف بدون خوف ليواجه أولئك الذين يريدون أن يصنعوا عالمنا بازدواجياتهم»..
    ولا يمكن لي – في مساحة محدودة – أن أظهر مئات الكتابات والإشارات التي بجّلت هذا الشاعر الذي أصبح علامة في شعرنا الراهن ولكنني أسأل من قلب مثقوب: ألم يكن بمقدور أصحاب المبادرات التي تسمى جزافا بالندوات أن ينوعوا بالفقرات ويضيفوا شواهد درامية او سمعية وبصرية تؤكد للمحتفى به عمق محبتهم واعتزازا بتفوقه الشعري عوضا عن لقاءات باردة يحفها النمط والكلام المعاد؟! ثم أن شاعرا كربلائيا خرج معدما وعاد اسما عالميا ألا يحق له ان يستقبل في ديوان المحافظ او المجلس المحلي ام أن زوار الاستثمار أهم وأغلى؟!
    http://alahadnews.info/index.php/permalink/6688.html

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 16, 2024 5:16 pm