في مجموعته الجديدة * وعبر أزمنة متوقدة تشير خطاها إلى مراحل نمو وتقابل من خلال مسارات نابضة ينقلنا الشاعر باسم فرات إلى فضاءات زمنية وحياتية مسترشدة بتواصلية لها افاقها وقيمها ، وبقصدية تسترد معاني واتجاهات الأشياء وتحمل الأعباء . وهذا ما يجعل من شحن المعاني حالة متناغمة وغير مجردة تتحرك وفق توازن إيقاعي يحتضن في أحشائه طاقات قادحة متجددة من خلال مستويات تعبيرية فنية وحياتية وروحية :
(( المزار الذي عاشوراؤه تتنفسني
في باحاته يرقد أسلافي
وبطولاتهم حكايا تجيد تزيينها النساء بالدموع )) ( 1 )
فطبيعة العلاقة التأثيرية المتبادلة تترشح من مقومات هي على التوالي اليقين ، البطولة ، الاستذكار فالمزار أضحى رمزا دالا لليقين من خلال رقود يشع أريجه بما يتم استذكاره عبرصيغ من بينها دموع النساء تعبيراعن حدث جلل خالد في معانيه ومراميه .
والشاعر في تجوالاته ، كجواب ممالك ساحر ماهر ، وفي أطراف الأرض يمشي خلف أسئلة تدس في آفاقه مزيدا من روحية متأملة تجيد أنسنة المشاهد الحياتية بم يجعلها جد ممكنة بين فصول تلتهم وفصول ساردة ماضية :
(( في الجبل الذي كان حائلا بيننا
لأصل اليك
حاصرتني انهيارات
والنبع الذي تخلى عني
كان يخفي أسمك
في الكهوف
ويرتشف من حروفه )) ( 2 )
ان رؤاه المؤثثة بتجاوب مساعيه عبر أوجاعها واحتمالاتها المفتوحة تكاد تعيش أزمنة ملهمة لا تنفصل عن آفاقه التي لا يحكم سلطانها سواه :
(( سأجمع الكلمات القديمة
تلك التي عتقها الفقد
أجللها بالسواد
وأضع عليها آسا وزهورا
أعطرها بماء الورد
ثم أغلفها بالنهر
لعل موجة نزقة تحملها .. )) ( 3 )
فطاقة الحنين وسفر التبشير انعكاس لوعي تشغله أسئلة الأيام بما تجعل الشاعر متجانسا مع صيرورة الذات ومواكبة التطلعات من أعماق رؤيا ومخيال يحسن الالتقاطات .
والشاعر يرى في كل يوم وسط ركام وأحلام معبرة ، رغم اوجاع الغربة والوحدة وآلامها ،
مشاهد يسعى لأن لا تتآكل أو تتبعثر وتذهب الى النسيان ، وعليه يبقى ليله فارغا إلا منها :
(( ليل فارغ إلا منك
في مياه حسراتي ترمين أوجاعا
وتصطادين قصائد ... )) ( 4 )
وتبقى الغربة عاصفة بكل شيء ، مشرعة بمواجهة الذاكرة . وهنا تمارس الذات طقوسا ومشاعر بفيض متناه في نقاءه وصفاءه تجعل الشاعر راويا ومنفعلا في آن واحد ، ويكون النص مخرجا لعملية متبادلة لا تخلو من وجد وقلق وما يصيب الأعماق من تحولات تعد محطات وحاضنات في المسيرة الشعرية للشاعر :
(( في المنافي
حملت صوتك
هو تعويذتي )) ( 5 )
و
(( طويت الكتاب
ورحت أنسج
يخنقني غيابك )) ( 6 )
(( وأنا أنتظر لقلبي
يترنح بين أسمك وصورتك
مرددا كلماتي
حتى صار نبيذك المشتهى
وصرت قبرا مهملا
ينتحب حوله العشاق )) ( 7 )
أيضا أحلام الشاعر مقيدة ومرهونة بنبض داخلي يتدفق ويهمس ويتخطى . إنها حالات تبهر
وخيالات تتلبس بالدهشة ما يعطي الوجود صفاءه وسحره :
(( أجلس عزلتي بجانبي
ونذاكر ما نسيت من كلام على ماء الذاكرة
الماء الذي أرتجف على شفتيك
فاندلقت آهاتي يتيمة من البرد
تحلم بدفء وجهك الذي تسلل في الزحام ،
أتمرغ في حبك
الذي يحاول أن يصبح ذكرى
فاتشبث به حلما )) ( 8 )
وعلى لائحة الأمل لا يتوقف حنينه الذي لا ينسى ، والنزف الذي يبقى تحت الطلب سواء بدموع الفرح أم الألم ، ليواجه المشاهد اللامتناهية وحيدا ويغدو بها استغاثة يترشح منها فيض خفي وصادق يدهش الإحساس بالرؤيا الفاضلة العاشقة :
(( ببابك عاشق يطرق الأمل
وحين تنادين من ؟
يجيب أنت
*
*
أي الطريق إليك معبدة بالجنون )) ( 9 )
و
(( سأزيل تلك اللحظات
حيث رن صوتك في روحي
أرش عليها ماء الورد
وأطعمها عشبة الآلهة
كل يوم اصلي لها
وأشعل الشموع
أحرق البخور عند عتبتها
كي لا ترحل أيضا )) ( 10 )
إن نداءات الروح هي كنه تساؤلات الشاعر وتجوالاته التي ترافق صباحات جميلة هاطلة من شعرية عاشقة وأيقونات ترنو النظر إلى رؤية حدائقها دون عناء .
باسم فرات شهق باسم الألفة والعشق والزمن الزائر .
الهوامش
----------
* باسم فرات / أشهق بأسلافي وأبتسم – دار الحضارة للنشر ، مصر 2014 ط1
( 1 ) انتباهة طفل ص 7
( 2 ) حلم فادح ص 8
( 3 ) طين الأيام ص 16
( 4 ) تصطادين قصائد ص 18
( 5 ) صوتك ص33
( 6 ) يخنقني غيابك ص35
( 7 ) نبيذك أنا ص41
( 8 ) أتشبث حلما ص63
( 9 ) طريقك معبدة بالجنون ص88
( 10 ) صلاة ص92
نُشرت في مجلة صوت الآخر وفي موقع الناقد العراقي
http://www.alnaked-aliraqi.net/article/23450.php
#باسم_فرات
(( المزار الذي عاشوراؤه تتنفسني
في باحاته يرقد أسلافي
وبطولاتهم حكايا تجيد تزيينها النساء بالدموع )) ( 1 )
فطبيعة العلاقة التأثيرية المتبادلة تترشح من مقومات هي على التوالي اليقين ، البطولة ، الاستذكار فالمزار أضحى رمزا دالا لليقين من خلال رقود يشع أريجه بما يتم استذكاره عبرصيغ من بينها دموع النساء تعبيراعن حدث جلل خالد في معانيه ومراميه .
والشاعر في تجوالاته ، كجواب ممالك ساحر ماهر ، وفي أطراف الأرض يمشي خلف أسئلة تدس في آفاقه مزيدا من روحية متأملة تجيد أنسنة المشاهد الحياتية بم يجعلها جد ممكنة بين فصول تلتهم وفصول ساردة ماضية :
(( في الجبل الذي كان حائلا بيننا
لأصل اليك
حاصرتني انهيارات
والنبع الذي تخلى عني
كان يخفي أسمك
في الكهوف
ويرتشف من حروفه )) ( 2 )
ان رؤاه المؤثثة بتجاوب مساعيه عبر أوجاعها واحتمالاتها المفتوحة تكاد تعيش أزمنة ملهمة لا تنفصل عن آفاقه التي لا يحكم سلطانها سواه :
(( سأجمع الكلمات القديمة
تلك التي عتقها الفقد
أجللها بالسواد
وأضع عليها آسا وزهورا
أعطرها بماء الورد
ثم أغلفها بالنهر
لعل موجة نزقة تحملها .. )) ( 3 )
فطاقة الحنين وسفر التبشير انعكاس لوعي تشغله أسئلة الأيام بما تجعل الشاعر متجانسا مع صيرورة الذات ومواكبة التطلعات من أعماق رؤيا ومخيال يحسن الالتقاطات .
والشاعر يرى في كل يوم وسط ركام وأحلام معبرة ، رغم اوجاع الغربة والوحدة وآلامها ،
مشاهد يسعى لأن لا تتآكل أو تتبعثر وتذهب الى النسيان ، وعليه يبقى ليله فارغا إلا منها :
(( ليل فارغ إلا منك
في مياه حسراتي ترمين أوجاعا
وتصطادين قصائد ... )) ( 4 )
وتبقى الغربة عاصفة بكل شيء ، مشرعة بمواجهة الذاكرة . وهنا تمارس الذات طقوسا ومشاعر بفيض متناه في نقاءه وصفاءه تجعل الشاعر راويا ومنفعلا في آن واحد ، ويكون النص مخرجا لعملية متبادلة لا تخلو من وجد وقلق وما يصيب الأعماق من تحولات تعد محطات وحاضنات في المسيرة الشعرية للشاعر :
(( في المنافي
حملت صوتك
هو تعويذتي )) ( 5 )
و
(( طويت الكتاب
ورحت أنسج
يخنقني غيابك )) ( 6 )
(( وأنا أنتظر لقلبي
يترنح بين أسمك وصورتك
مرددا كلماتي
حتى صار نبيذك المشتهى
وصرت قبرا مهملا
ينتحب حوله العشاق )) ( 7 )
أيضا أحلام الشاعر مقيدة ومرهونة بنبض داخلي يتدفق ويهمس ويتخطى . إنها حالات تبهر
وخيالات تتلبس بالدهشة ما يعطي الوجود صفاءه وسحره :
(( أجلس عزلتي بجانبي
ونذاكر ما نسيت من كلام على ماء الذاكرة
الماء الذي أرتجف على شفتيك
فاندلقت آهاتي يتيمة من البرد
تحلم بدفء وجهك الذي تسلل في الزحام ،
أتمرغ في حبك
الذي يحاول أن يصبح ذكرى
فاتشبث به حلما )) ( 8 )
وعلى لائحة الأمل لا يتوقف حنينه الذي لا ينسى ، والنزف الذي يبقى تحت الطلب سواء بدموع الفرح أم الألم ، ليواجه المشاهد اللامتناهية وحيدا ويغدو بها استغاثة يترشح منها فيض خفي وصادق يدهش الإحساس بالرؤيا الفاضلة العاشقة :
(( ببابك عاشق يطرق الأمل
وحين تنادين من ؟
يجيب أنت
*
*
أي الطريق إليك معبدة بالجنون )) ( 9 )
و
(( سأزيل تلك اللحظات
حيث رن صوتك في روحي
أرش عليها ماء الورد
وأطعمها عشبة الآلهة
كل يوم اصلي لها
وأشعل الشموع
أحرق البخور عند عتبتها
كي لا ترحل أيضا )) ( 10 )
إن نداءات الروح هي كنه تساؤلات الشاعر وتجوالاته التي ترافق صباحات جميلة هاطلة من شعرية عاشقة وأيقونات ترنو النظر إلى رؤية حدائقها دون عناء .
باسم فرات شهق باسم الألفة والعشق والزمن الزائر .
الهوامش
----------
* باسم فرات / أشهق بأسلافي وأبتسم – دار الحضارة للنشر ، مصر 2014 ط1
( 1 ) انتباهة طفل ص 7
( 2 ) حلم فادح ص 8
( 3 ) طين الأيام ص 16
( 4 ) تصطادين قصائد ص 18
( 5 ) صوتك ص33
( 6 ) يخنقني غيابك ص35
( 7 ) نبيذك أنا ص41
( 8 ) أتشبث حلما ص63
( 9 ) طريقك معبدة بالجنون ص88
( 10 ) صلاة ص92
نُشرت في مجلة صوت الآخر وفي موقع الناقد العراقي
http://www.alnaked-aliraqi.net/article/23450.php
#باسم_فرات