انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    رسول محمد رسول: عشبة باسم فرات من منائر بابل إلى جنوب الجنوب

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    رسول محمد رسول: عشبة باسم فرات من منائر بابل إلى جنوب الجنوب Empty رسول محمد رسول: عشبة باسم فرات من منائر بابل إلى جنوب الجنوب

    مُساهمة  Admin الجمعة سبتمبر 07, 2018 1:06 pm

    عشبة باسم فرات
    من منائر بابل إلى جنوب الجنوب
    جريدة الصباح. الثقافية. الاثنين ٤ يونيو ٢٠١٨. ص ١٤.

    http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=158153

    رسول محمد رسول
    عن المركز العربي للأدب الجغرافي – ارتياد الآفاق في أبوظبي ومنشورات المتوسط في ميلانو، صدر كتاب الشاعر العراقي باسم فرات (لا عشبة عند ماهوتا.. من منائر بابل إلى جنوب الجنوب – يوميات عربية) الفائز بجائزة ابن بطوطة.
    والكتاب رحلة يومياتية لشاعر عاش بين أكثر ضفاف العالم عندما استقر به الحال لاجئاً في مكان بعيد عن موطنه العراقي، لكنها المسافات لها لغتها في عالَم الأمكنة، وعنوان "يوميات عربية" الذي تتصدّر غلاف الكتاب يوحي بهوية هذا الكتاب، وهي هوية رحلاتية، لكن كاتبها يضعنا عند دلالة يفهما هو ذاته بشأن أدب الرحلات فيقول:
    سيرة ورحلة وشعر
    "هذا كتاب زاوجت فيه بين أدب السيرة وأدب الرحلات، وقراءته أدب سيرة فقط قد تُسيء له، وقراءته أدب رحلات فقط ربما تخذله؛ فأدب السيرة أسير الواقع، وأدب الرحلات يحمل نصف التزام بالواقع ونصف التزام بالخيال، أي إنه نوع ثالث بين السيرة والرواية" (ص 12).
    يضعنا فرات أيضاً عند تخريج ثالث، فكتابته ستجمع "الواقع المهيمن على أدب السيرة والتحرر النسبي لأدب الرحلات من الواقع" (ص 12). أما لكونه شاعراً، فكان ذلك مدعاة من جانبه للتوضيح، فأنْ يكتب شاعر سيرته يعد أمراً مختلفاً عن أن يكتب يوميات رحلاتية، يقول فرات: "كنتُ شاعراً يروي سيرته، لكنني في الأحوال جميعها كنتُ قارئاً يدون جزء مهماً من حياته، تطوّره الثقافي، نمو لغته الإنجليزية.." (ص 12).
    في ضوء هذا الفهم للتجنيس الرحلاتي، لا يتغافل باسم فرات عن الذات رغم سطوة الواقع – الواقعي، ولكنه ليس بعيداً عن الشعر بوصفه شاعراً؛ فهو يرى أن "أدب الرحلات قائم على وعي الذات الكاتبة بالمكان والمجتمع والبيئة، والتاريخ قائم على المنجز الثقافي والآثار والمسكوكات، والحوامل الاجتماعية، ويؤدي الشعر فيه جوهر الحقيقة، لأنّ الشعر هو جوهر وروح النفس الإنسانية والهوية الثقافية، وأن بلداً ما تتضح هويته الأم (الكبرى) عن طريق منجزه التدويني والشعر". (ص 14).
    منائر بابل
    في متن هذا الكتاب الرحلاتي - السيري، نقرأ ثمان وثلاثين عنواناً داخلياً يتنوّع نسجه، لكننا لا نقرأ مُجرد وصف للأمكنة متزامنة الوقت فقط، إنما نجد أنفسنا بصدد كتابة تتجاوز ذلك، فالبوح فيها لا يقتصر على اليومي من قبيل: ذهبت، جلست، رأيت، قلت، قال..) إلى غير ذلك من معتاد القول الرحلاتي أو السيري.
    نحن لسنا مع تقليدية كتابية عن هذا التجنيس، إنما بصدد ذات تتحرّك في عالَم بكل ما لها من حمولة ثقافية وتاريخية ووجودية، وهذا ما يميز تجربة باسم فرات في هذا النص الذي معنى أن يكون الإنسان لاجئاً، ومعنى أن تكون الذات في غير موطنها الأصل، ومعنى أن تترجّل ذات الشاعر عن معيشها الجنوبي العراقي البغدادي لتمشي بين منائر بابل محلقة إلى غير مكان في هذا العالَم.
    في طيات المكتوب في هذه الرحلة - السيرة لا تنفرد الذات لوحدها خالصة (Pure) لتكتب ذاتها المحضة، إنما ذاتها بوصفها كينونة وجودية تعيش تحولاتها بتحولات واقع موضوعي تعيشه ذات الشاعر هنا أو هناك، داخل الوطن وخارجه، وبما لا يخلو من حس نقدي عن الهنا أو المنفى وعن الهناك أو الوطن العراقي.
    في هذه الطيّات لا تكاد تمر صفحة من دون أن يكون للهُناك أو (الوطن العراقي بالنسبة للشاعر) ذلك الحضور الذي لم يتخلّص منه الشاعر باسم فرات قط، فهو بمثابة قدر وجودي لا فكاك منه أو عنه؛ ولذلك كانت العين الناقدة في الحكي (ملفات اللاجئين مليئة بالكذب - نموذجا) تحضر من الغلاف إلى الغلاف أينما تحل لحظة الكتابة، وبما لا يخلو من تعرية حقيقية لسلوك بعض المثقفين الذين وجدوا في الخداع والكذب ذريعة مخزية للجوء والهجرة بعيداً عن وطنهم نحو شتات آخر.
    الأفق الثقافي
    قد تكون ثقافة الهُناك أو الوطن العراقي لازمة تلاحق الذات المهاجرة لكن فرات يفلسفها بهدوء فالكاتب "الذي أسّس ونشأ عربياً ليس من السهل عليه إيجاد أفقه الثقافي خارج نطاق الثقافة العربية"، وهذا إعلان واضح الصراحة بالعودة إلى الذات الوطنية سواء كانت عراقية أم عربية، العودة إليها عبر اللغة التي "تحوّلت - لدى باسم - إلى وطن" يعيشه، وهل يستطيع أي شاعر التخلص من الوطن؟
    بعد خروجه من عراقه، عاش باسم فرات لاجئاً في نيوزلندا، لكنه يدخل هذا البلد كشاعر وليس مجرد كينونة غرائزية تبحث عن راتب شهري لسد جوع المعدة، لذلك حفلت يومياته بالكثير من المشاهد الثقافية التي يرويها بعين شاعر لا عين مجرد رحالة ليعود بعد ذلك إلى السودان كملاذ للعيش اليومي برفقة زوجة له، لا عراقية ولا عربية، ليعيش التنوع بكل امتداداته.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:30 am