باسـم فـرات
الكاتب:محمد غازي الاخرس
10/9/2017 12:00 صباحا
وباسم فرات، لمن لا يعرفه شاعر ورحالة وكاتب تمتد علاقتي به لقرابة ١٧ عاما. يبلغ من العمر مثل ما أبلغ، وله شغف بالثقافة يجمعني وإياه رغم أنه من كربلاء وأنا من بغداد. رجل كلما التقيته نسيت نفسي وذهبت معه في تخوم الشعر والتاريخ والرحلات، ثم لا ننتبه إلا ونحن نعتذر لبعض عن ضيق وقتنا وكثرة التزاماتنا وإلا لقضينا فصولا ونحن نتجادل ويتعلم أحدنا من الآخر. ما أقل أمثاله في حياتي. قبل أشهر مثلا رأيت له صورة في أسوان عند آثار ما فكتبت له أنني تمنيت لو كنت رفيقه في تلك الرحلة الجميلة، وما كنت لأقول هذا لولا معرفتي بعمقه وشغفه بالتراثيات مثلي.
نعم، أكتب عن صاحبي وأنا أطالع ديوانه الجديد الذي سرني بنسخته قبل الطبع وأرسله لي. يفعلها عدد قليل من الأصدقاء معي وهو منهم. هو الكتاب الثالث ربما الذي يطلب مني رأيا حوله ويتعجلني مثلما يتعجل تلميذ رأي معلمه كما يقول. ذكرت ذلك سابقا، لكنني اليوم مهتم بالرجل نفسه، شاعرا ورحالة ومثقفا، وبين الثلاثة تكامل لا يخفى. أتذكر لقاءنا الأول في عمان. كان قادما من نيوزلندا لشأن ما بينما أنا آت من بغداد يكللني الغبار وتجللني المتاعب.
في تلك الأيام عرفت أنه نسيج وحده، شاعر عاشق للحياة، يحلم أن يعيشها ثقافيا قبل أن يفعل ذلك اجتماعيا. ولذلك اختار التجوال في الثقافات لاحقا فعاش في اليابان ثلاث سنوات ثم في لاوس ثلاث سنوات أيضا، كذلك في الإكوادور وهاهو يعيش في السودان منذ سنتين تقريبا. وقبل ذلك كله عاش ثمانية أعوام في نيوزلندا، والحصيلة كتب رحلات رائعة ودواوين توشك أن يكون أغلبها إصغاء للآخر المختلف، البوذي أو المسيحي، الأسمر أو الأصفر، الأفريقي أو الآسيوي. ماذا عن ديوانه الجديد الذي ينتظر رأيي فيه؟ إنه "محبرة الرعاة" المستلهم من رحلته الأفريقية الأخيرة، رحلة السودان الغنية بالتفاصيل. يكتب باسم فرات في مفتتح ديوانه الذي يبدو أنني فضحته في هذه المقالة:"سليل الفراتين أنا..قادتني المنافي إلى ملتقى النيلين الأبيض والأزرق..أصبحت ـ زولا ـ في قارورتي عبق الأسلاف..عشبتي المحبة والرحيل نايي".
لماذا أحب باسم فرات يا ترى؟ ألأنه يشبهني؟ لا أدري، لعل الأمر كذلك بدليل أن هوسه شاعرا ورحالة إنما يتأتى من بحثه عن الهامشي والمهمل، إنظروا إليه ماذا يقول" لا أجيد اتباع خطوات غيري..مهووس بالهامشي والمهمل..نداءات الأطراف تغريني..فأشعر بالملل من مدن ببذلة وربطة عنق..".
هو كذلك يا صاحبي، الهامشي والمهمل ونداءات الأطراف هو ما يجمعنا وعذرا لأنني فضحت ديوانا قبل أن يصدر!
صحيفة الصباح
http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=143891