انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    علي لفتة سعيد:حصاد الشهقة.. الاستيلاء على تأويل المفردة في مجموعة "أشهق بأسلافي وأبتسم"

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    علي لفتة سعيد:حصاد الشهقة.. الاستيلاء على تأويل المفردة في مجموعة "أشهق بأسلافي وأبتسم" Empty علي لفتة سعيد:حصاد الشهقة.. الاستيلاء على تأويل المفردة في مجموعة "أشهق بأسلافي وأبتسم"

    مُساهمة  Admin الأربعاء يناير 27, 2021 7:48 am

    حصاد الشهقة.. الاستيلاء على تأويل المفردة في مجموعة "أشهق بأسلافي وأبتسم"

    علي لفته سعيد
    كيف لنا أن نتعامل مع النص الأدبي كونه صورة متحركة؟وكيف لنا أن نستلم إشارات هذه الصورة التي تعني بالضرورة ملامح مشهودة بالتفرد والطغيان والشدة في الوضوح كل نستلم المعنى والمقصد لتكوين نتائج قابلة للحصاد القرائي المهم؟


    النص الأدبي بالضرورة نص لغوي، والنص الشعري منه هو نص مفرداتي يجمع حصاد بيدره لكي يتراءى للقارئ / المتلقي أن المنفردة هنا هي المعنية بابتزاز لحظة القراءة ومساومتها لجذبها..بمعنى أن النص السردي، نص جملة والنص الشعري نص مفردة.. وفي كلا الحالتين لابد من توفر أدوات قابلة لتحويل النص الى صورة متحركة..يمكن استقبلها ومن ثم ايداعها في مخيلة القارئ/ المتلقي غير العادي خاصة وان قصيدة النثر تحتاج الى متلقٍ متأمل وعارف بخبايا هذا النوع من الكتابة الذي يحتاج الى تأمل ومخيلة لا تعتمد على الصوت والعاطفة كمنا في قصيدة التفعيلة او العمودي..لذا فأن أي ارتباك في القصيدة النثرية يعني ضياع حتى هوية النص ذاته.. فضلا عن فقدان الأدلة التي يريد المنتج الشاعر أن يضعها في تحقيق الفعل القرائي.
    في مجموعة الشاعر باسم فرات التي حمت عنوان (أشهق بأسلافي وابتسم) يتيح لنا العنوان عتبة أولى الى وضع عملية أولى قبل الحصاد المتكونة من نثر المفردات المبثوثة لإنتاج منصة قابلة لتوزيع ريها على النصوص الموزعة بين دفتي مزرعة الكتاب، والتي يصل عددها الى 70 نصا..وعليه أن يجعل القارئ/ المتلقي ان يمشي بين الخضرة لا أن يجعله يتيه في صحراء تتناثر بين احجار وصخور..وتلك عملية صعبة جدا..القصائد في المجموعة لا تتشابه في طول نصوصها وإنما تشابهت بلحظة غناء يمكن لها التعبير عن حزة انتشاء بالماضي الذي اتكأ عليه وأخذه معه ليسر في طرقات الذ اكرة المعبأة بالمكان/ المدينة.. التي غادرها وعاد إليها ليلتقط الحاضر ويعود به الى عين الماضي...ولحظته التي جعلها مركزة جدا في العنوان الذي لم يكن نصا من النصوص السبعين بل هي ثرياه التي اراد لها ان تمنحه ظلا وميسما وذاكرة وطفولة واسترجاع واستدراك وتأمل وحفر وزراعة وسقي لكي يمشي بين مياسم ما يراه هو..ففي العنوان هناك انزياح بين الشهقة والأسلاف..لتبقى مفردة ابتسم وما يسبقها من حرف العطف(و) قابلة لعدة تأويلات متفاوتة ومتقابلة ومتشابهة ومتضادة أيضا بحسب موجة التلقي وقدرتها على ألا تترك الزبد رغم ان المتلقي هنا قد لا يجد ربطا كليا بين النصوص السبعين والعنوان الذي يكون اختيارا عامنا دلاليا مركونا في وعي الشاعر أكثر منه اقترابا لتأويل أو قصدية النصوص..تأويلات العنوان تبدأ بطرح السؤال وتمر على الاستهزاء والشماتة والسوداوية والسخرية حتى..أو تبدأ بسؤال له إجابة الفرح والتماهي والتمدن والذاكرة الريانة والاستحضار والاتكاء والغناء وحتى البكاء الجميل.
    تأخذنا بنية الكتابة في هذه المجموعة الى عدة منعطفات.. لابد أن نجمع حصادها كي يتم الاستيلاء على القصدية المراد وضعها على طاولة التلقي في آخر المطاف..فإذا ما أخذنا العناوين التي تركتها ثريا النصوص الأخرى فان الشاعر يبدأ من حيث يدري بكل تأكيد الى وضع اسبقية دالة على العنوان الرئيس..فعنون نصه اول (انتباهة طفل) وهي البداية الأولى للتهيؤ لبدء الشهقة الى عنوان نصه الأخير (يتنفسك حتى بهذيانه) والذي لا يأتي هذه الهذيان إلا بمراحل عمرية متقدمة هو يراها متقدمة بعد فراق كبير عن المكان المدينة والغوص فيس أعماق مجدن العالم التي منحته المعرفة لكنها لم تمنحه ذاكرة التوابيت والمآذن ومحال النجارة واللقطات الاولى لكاميرا التصوير القديمة..كل هذه انتجت شهقة فكان (اشهق) متغلغلا بين فعلي المضارع والأمر وهو يعلقه على فعل الماضي..
    ان عناوين المجموعة السبعين ربما لا تتلاءم جميعها في خاصية الثريا الكبيرة لعنوان المجموعة ولكنها بكل تأكيد ترتبط ارتباطا وثيقا به حيث بإمكانها أن تمد ذراعا هنا وإصبعا هناك وتترك قطرة هنا وقدحا هناك لبست مرة ثوب زهرة او كانت ميسما او انه يتيمم من هنا وهناك.. وفي كل الاحوال نجد ان العنونة هي رابح متقدم لعنصر التلقي.
    أن بنية الكتابة في المجموعة دائما ما تبدأ بمستوى إخباري..رغم ان هذا المستوى في النص الشعري يحتاج الى مستويات أخرى وخاصة المستوى التصويري من أجل حث المتلقي وجذبه لمتابعة شؤون الصورة ومخيلتها التي يفترض إيجادها متحركة وليست جامدة لتمنحه لحظة اقتراب من قصدية الشاعر المضمرة.
    (المزار المبتل بأنين الأرامل
    حيث طفولتي تسابق اللهو) ص6
    ثلاثون سنةً
    قضيتها وأنا أحفر نفقا
    في الجبل الذي كان حائلا بيننا) ص8
    (سأحذف من تقويمي السنوات
    تلك السنوات التي لم تكن
    يدك فيها دليلا يقودني)ص10
    (عند الباب خلعت الشتاء
    فاصبت بحمى الفقد) ص2
    (أجلس أمام حياتي
    أدعي السعادة، وأنا أفكر بغيابك
    أوهم نفسي أنه غيابٌ طويل)ص52
    وغيرها من الاستهلالات في جميع القصائد سواء منها القصيرة التي لا تتعدى نصف صفحة أو الطويلة التي لا تزيد عن صفحتين..لكن هذا الاستهلال دائما ما يتكئ على مستوى إخباري آخر يأتي في منتصف قامة النص وهو مستوى يجني بين اضلاعه المستوى القصدي والمستوى التصويري في بعض النصوص على قلتها وبالتالي فأنه أي النص هنا لا يسابق ظله كي ينتهي بل يحتاج الى سياقات أخرى في ولوج النص، بل يمشي مباشرة الى الخاتمة التي يعتقد الشاعر أنها تمنحه القدرة على منح الصورة مستواها الفلسفي.
    (هنا في النهر الذي يمضي
    بجانب المدينة خجلا غزلانا تمرح في ناي غريب)ص54
    (للأب القتيل في باطن السماء
    خشوع النسيم طلبا للغفران)ص55
    أخرج متظاهرا أندد بحياتي
    ولا فتتي تصرخ: أنك وطني ولا وطن سواك)ص61
    (أعد حياتي المسروقة بين مقاعد الدراسة والثكنات
    بين خيانات لطخها الاصدقاء وفشلي المرير في العمل
    لا اجد سوى انبهاري بك)ص66
    (النسور تحاول أن تنهشني
    أغريها بالأحاجي
    وفي أنفاسي الحقول تجمعت)ص101
    أن الشاعر في أغلب قصائد يحاول أن يعطي أناه الشاعرة علوا شاهقا كي يراه الاخرون وان تكون هي المستهدفة في كل المعاناة المبثوثة..المعاناة للولادة والوطن والأب والأم والمدينة والحبيبة والطقوس والحب والخيبة..هو المعادل الموضوعي بين المكان الحبيبة والحبيبة المكان.. لذا فانه يتمرد على طول القصيدة وكأنه كتبها بلحظة (شهقة) معاندا ذاته وتواقع لها في الوقت نفيه لأنه مشغول بما هو فيه ليبرزه الى الاخر مذكرا اياه انه صاحب الخطوة الاولى محاولا اشراكه معه وإزاحته في الوقت نفسه ليكون وحده في الصورة مغنيا لما بين يديه من مفردات تمنح ملامح خاصة للمشهدية الشعرية التي يريدها هو في كيفية رسمها.
    الشاعر هنا ماكث في قناع الذاتي وحين يريد ان يستدر أنفاسه يمنح القصيدة مقطعا آخر بينهما فراغ في الصورة الكتابية ليعطي الصورة الشعرية دلالة التمدد من جهة وقدرة على التواصل بأجزاء لان النفس الشعري هنا م يواكبه كثيرا لكي يلم التقاطات الذاكرة العيانية لما هو ماض في الذاكرة..هذه الطريقة التي تباها الشساعر في بنيته الكتابية تحتاج الى لحظة إملاء من قبل القارئ أرادها شهقة متعددة المسارب في حني محصول المعنى للوصول الى الدلالة.فتكون دائما خاتمة النص لديه هي مزاوجة بين العنونة التي هي جزء من النص وتسحب معها المستوى التحليلي منذ البدء وبين المستوى الفلسفي الذاتي المصاحب للمستوى التأويلي الذي يربط الاستهلال وما يليه.
    أن بينية الكتابة في هذه المجموعة تظهر منفى الشاعر امام العالم وهو منفى المكان..منفى الماضي الذي يمشي عليه الان متأملا كل شيء حتى انه لا يقبل ان تتغير الاشياء التي تركها لأنها جزء من حاضره الماضوي الذي تنفسه وكأنه لا يقبل ان يشد الرحال الى ما يمكن ان يطلق عليه التطور لأنه معني فقط بتلك الامكنة التي فارقها ويريد ان يجدها هي نفسها ولو بعد عقود..انه اما منفى الاسلاف الذين لا يريد كتابتهم بالمفردة ليرسم لوحة بل ليترك مفعول قولها للمتلقي..باثا سؤالا مخفيا..إن هناك دائما ما يصطدم به حين يستحضر كل منا أسلافه ولكن هل الجميع يبتسم حينها؟

    Saturday 17th of January 2015 05:40:10 PM ,
    ملاحق المدى
    https://www.almadasupplements.com//view.php?cat=11795
    https://www.almadasupplements.com/print.php?cat=11795

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 16, 2024 5:30 pm