الغربة من اهم المحفزات للشخصية النوستالجية، فيطالعنا الشاعر باسم فرات عبر مجموعته الشعرية " خريف المآذن" والتي احتوت بين دفتيها سبعاً وستين صفحة من شعر النثر.. بدأها بقصيدة (الى لغة الضوء اقود القناديل) وختمها بـ ( 1/3/1967)، تميزت هذه المجموعة بالحنين الى الوطن..الارض التي لامست خد الشاعر عند ولادته والحنين الى الطفولة وغض الصبا وطراوة الشباب، فقد عاش الشاعر الماضي.. وهو في حاضر غربته ( المهجر).
الماضي: هو الباعث لهذا الحنين.. والشاعر هو الأكثر قدرة من غيره على التعبير عما في داخله ، فتراه يقول في ص17:
بينما الوقتُ يُطَرّزُ منفى لعباءات النخيل
أفكّ أزراره
اقرأ:
الطفولة اسئلة لاتنتهي – تتشعب-
او اسئلة تنمو فوق طحلب الايام.
الشاعر عرّف المتلقي بالماضي ومن خلال هذا الماضي..مسك به.. وتسلل الى قلبه بهدوء.. ونقله الى الحاضر وبث آلية رؤيته الصادقة والواضحة..ليس فقط ليجعله شريكاً له في نصوصه بل في منفاه في امله ويأسه وماضيه وحاضره.
ينزلق الانتظار من عيوننا
يمضغ الشوارع
تتساقط اوراق الارصفة
وهي تفتح ازرارها
تتجمع الفصول في راحتي ص37
الشاعر باسم فرات يعتريه التوق رغم هموم الغربة واختلاف اللغة والعادات والتقاليد..الا ان هذا التوق لبلاد الفراتين الجميل.. فهو ينشد العيش في بلاده.. لتنير وجهه القباب الذهبية.. والتي لايعلوها شموخ سوى شموخ اصحابها والمآذن التي لايرتفع عليها صوت الا الصوت الذي وجدت من اجله.. يريد الشاعر ان يسأل نهر الحسينية كيف انتصر نهر العلقمي وغير مجراه.. احتجاجاً على اعظم مأساة عرفتها الانسانية والتي عبدت الطريق لجميع احرار العالم.. باسم يريد ان يرى الرمضاء مابين النواويس والغاضرية كيف اصبحت تربتها حناء من دموع العشاق وشفاء ومساجد.. يريد ان يعطر روحه وجسده بأريج الشهادة وها هو الشاعر يبث التوق:
قَسَت عليها رياح الشمال
أي سلسبيل قباب الرب ومآذنه
أوَكُلّما ابتعدتُ عنكِ ازددتُ قرباً
أحملُ بوصلتي
فلا تشتهي سوى أن تُرَتّلَ اسمكِ. ص53
لقد استطاع الشاعر ان يوصل لنا ماضيه وهو في حاضر غربته ومنفاه.. فقد صور لنا خلجاته وكل مايعتريه من ذكرى وحنين توق الى الاشياء القريبة الى روحه فهي غذائه الروحي ومقومات الصبر لديه:
يالهاث الفراتين
في المدن القصية
ثمة مايدعو للتذكر. ص 63
....
لاتنحن لغير هذا الرخام المشرقي
لا تصل
لغير المنائر والحمام
اقرأ:
على القباب المذهبة تراتيل الملائكة السلام. ص50
شاعرنا ليس له مستقر في الغربة فهو يرفض العيش فيها.. كما انه يرنو الى المستقبل، ولكن الى أي نقطة فيه؟ هذا ما اجابنا عنه الشاعر:
لاتبتع لغير طينك الرازقي
حتى لو كان الهديل ذاكرة مستفزة
الذين اوقدوا شمعتك
آهلون بالنزيف. ص31
.......................
يا اعتق المدن المقدسة
جئناكِ بالدر والحنين
لنرتشف من مائك الطهور
سلسبيل اغاني الذين لاذوا بصمتك
من نجاسة الحروب. ص52
ليس من السهل التعرف على حياة مغترب بأدق تفاصيلها، فأفكاره محتدمة بالاحاسيس والمشاعر، فهو يتأرجح مابين الامل والتشتت ولكنه أنبأنا:
اخترت من المطر قوارير وحدته
لبست متاهاتي
وتوغلت فيها. ص26
طابع الحزن في بعض قصائده امر طبيعي بسبب الاغتراب.. ولذلك نرى بعض الصور الشعرية موشاة بمفردات الحزن:
سنواتي المجففة كالزبيب
رمادها – هذه الحروب- اغلق روحي
وجَفّفَ زيت طفولتي عند الباب
الابواب اطلقتني
ولسعت صباحي
البلاد فرت من اصابعي. ص33
من المتعارف عليه ان بعض المغتربين يكون لديهم بعض التداعيات السايكولوجية ومنها الانفلات من العادات والتقاليد والقيم المجتمعية لان مجتمعهم الاصلي كان رقيبا عليهم ولم يستطع بعضهم ان يتجاوز هذا المجتمع واذا تجاوز يكون غير سوي في مجتمعه ولكن شاعرنا بقي محافظا على تلك القيم والعادات والتقاليد في غربته وهذا من محاسن ومميزات الشخصية النوستالجية فبقي محافظا على جميع معطيات مجتمعه الخلاقة والعصرية:
الجداول تجنح ببياضها
فتبوح لي الشواطئ بحرية مطلقة
عانقت برجا خلته مأذنه
لم ادخن سوى وجعي
والاقحوان شديد التلكأ امام النشيد
بالتعكز على حيواتنا. ص27
الشاعر "باسم فرات" استطاع ان يوصل ما اراد ايصاله وتعرفنا على شخصيته من خلال قصائده المحملة باعباء الحنين والتوق والامل والتشتت، وكذلك تعرفنا على ماضيه من خلال حاضره واين تقع نقطة المستقبل لديه.. جميع هذه الاسباب والارهاصات الاخرى المحتدمة في مرتكزاته الذهنية من مشاعر واحاسيس وافكار جميعها تطوف في بلاده وفي المهجر ورفضه العيش في بلاد الغربة.. جعلت من شاعرنا (باسم فرات) شخصية ( نوستالجية) وبحق امتعنا بقصائده ولابد من القول ان ماقدمه الينا الشاعر في "خريف المآذن" هو الابداع الحقيقي.
الماضي: هو الباعث لهذا الحنين.. والشاعر هو الأكثر قدرة من غيره على التعبير عما في داخله ، فتراه يقول في ص17:
بينما الوقتُ يُطَرّزُ منفى لعباءات النخيل
أفكّ أزراره
اقرأ:
الطفولة اسئلة لاتنتهي – تتشعب-
او اسئلة تنمو فوق طحلب الايام.
الشاعر عرّف المتلقي بالماضي ومن خلال هذا الماضي..مسك به.. وتسلل الى قلبه بهدوء.. ونقله الى الحاضر وبث آلية رؤيته الصادقة والواضحة..ليس فقط ليجعله شريكاً له في نصوصه بل في منفاه في امله ويأسه وماضيه وحاضره.
ينزلق الانتظار من عيوننا
يمضغ الشوارع
تتساقط اوراق الارصفة
وهي تفتح ازرارها
تتجمع الفصول في راحتي ص37
الشاعر باسم فرات يعتريه التوق رغم هموم الغربة واختلاف اللغة والعادات والتقاليد..الا ان هذا التوق لبلاد الفراتين الجميل.. فهو ينشد العيش في بلاده.. لتنير وجهه القباب الذهبية.. والتي لايعلوها شموخ سوى شموخ اصحابها والمآذن التي لايرتفع عليها صوت الا الصوت الذي وجدت من اجله.. يريد الشاعر ان يسأل نهر الحسينية كيف انتصر نهر العلقمي وغير مجراه.. احتجاجاً على اعظم مأساة عرفتها الانسانية والتي عبدت الطريق لجميع احرار العالم.. باسم يريد ان يرى الرمضاء مابين النواويس والغاضرية كيف اصبحت تربتها حناء من دموع العشاق وشفاء ومساجد.. يريد ان يعطر روحه وجسده بأريج الشهادة وها هو الشاعر يبث التوق:
قَسَت عليها رياح الشمال
أي سلسبيل قباب الرب ومآذنه
أوَكُلّما ابتعدتُ عنكِ ازددتُ قرباً
أحملُ بوصلتي
فلا تشتهي سوى أن تُرَتّلَ اسمكِ. ص53
لقد استطاع الشاعر ان يوصل لنا ماضيه وهو في حاضر غربته ومنفاه.. فقد صور لنا خلجاته وكل مايعتريه من ذكرى وحنين توق الى الاشياء القريبة الى روحه فهي غذائه الروحي ومقومات الصبر لديه:
يالهاث الفراتين
في المدن القصية
ثمة مايدعو للتذكر. ص 63
....
لاتنحن لغير هذا الرخام المشرقي
لا تصل
لغير المنائر والحمام
اقرأ:
على القباب المذهبة تراتيل الملائكة السلام. ص50
شاعرنا ليس له مستقر في الغربة فهو يرفض العيش فيها.. كما انه يرنو الى المستقبل، ولكن الى أي نقطة فيه؟ هذا ما اجابنا عنه الشاعر:
لاتبتع لغير طينك الرازقي
حتى لو كان الهديل ذاكرة مستفزة
الذين اوقدوا شمعتك
آهلون بالنزيف. ص31
.......................
يا اعتق المدن المقدسة
جئناكِ بالدر والحنين
لنرتشف من مائك الطهور
سلسبيل اغاني الذين لاذوا بصمتك
من نجاسة الحروب. ص52
ليس من السهل التعرف على حياة مغترب بأدق تفاصيلها، فأفكاره محتدمة بالاحاسيس والمشاعر، فهو يتأرجح مابين الامل والتشتت ولكنه أنبأنا:
اخترت من المطر قوارير وحدته
لبست متاهاتي
وتوغلت فيها. ص26
طابع الحزن في بعض قصائده امر طبيعي بسبب الاغتراب.. ولذلك نرى بعض الصور الشعرية موشاة بمفردات الحزن:
سنواتي المجففة كالزبيب
رمادها – هذه الحروب- اغلق روحي
وجَفّفَ زيت طفولتي عند الباب
الابواب اطلقتني
ولسعت صباحي
البلاد فرت من اصابعي. ص33
من المتعارف عليه ان بعض المغتربين يكون لديهم بعض التداعيات السايكولوجية ومنها الانفلات من العادات والتقاليد والقيم المجتمعية لان مجتمعهم الاصلي كان رقيبا عليهم ولم يستطع بعضهم ان يتجاوز هذا المجتمع واذا تجاوز يكون غير سوي في مجتمعه ولكن شاعرنا بقي محافظا على تلك القيم والعادات والتقاليد في غربته وهذا من محاسن ومميزات الشخصية النوستالجية فبقي محافظا على جميع معطيات مجتمعه الخلاقة والعصرية:
الجداول تجنح ببياضها
فتبوح لي الشواطئ بحرية مطلقة
عانقت برجا خلته مأذنه
لم ادخن سوى وجعي
والاقحوان شديد التلكأ امام النشيد
بالتعكز على حيواتنا. ص27
الشاعر "باسم فرات" استطاع ان يوصل ما اراد ايصاله وتعرفنا على شخصيته من خلال قصائده المحملة باعباء الحنين والتوق والامل والتشتت، وكذلك تعرفنا على ماضيه من خلال حاضره واين تقع نقطة المستقبل لديه.. جميع هذه الاسباب والارهاصات الاخرى المحتدمة في مرتكزاته الذهنية من مشاعر واحاسيس وافكار جميعها تطوف في بلاده وفي المهجر ورفضه العيش في بلاد الغربة.. جعلت من شاعرنا (باسم فرات) شخصية ( نوستالجية) وبحق امتعنا بقصائده ولابد من القول ان ماقدمه الينا الشاعر في "خريف المآذن" هو الابداع الحقيقي.