انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حذام بدر: دراستها عن "أرسم بغداد" في كتابها تحولات الشعرية العربية

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    حذام بدر: دراستها عن "أرسم بغداد" في كتابها تحولات الشعرية العربية Empty حذام بدر: دراستها عن "أرسم بغداد" في كتابها تحولات الشعرية العربية

    مُساهمة  Admin الإثنين أبريل 02, 2012 2:54 pm


    وثمة قصيدة عبرت أيضاً عن التراكم الصوري للشاعر باسم فرات بعنوان "أرسم بغداد" فيقول:
    أرمّمُ قلبي بيدٍ وبالأخرى أتداركُ الوردةَ من الهذيانِ
    أتداركُ الشرفاتِ من السقوط ِفي مستنقعٍ حافلٍ بالسماء
    البحرُ يتشبّثُ بي كلَّما تَلَكَّـأ أمامَ براءتي
    تتسلّقُ الشبهاتُ حافةَ الوقتِ
    أكداسٌ من الحروفِ تحفّ بشواطئ الكلمة
    أسمعتُكَ نشيدي فما أسمعتَني غيرَ احتراقي
    قدتُ المطرَ إلى بابِكَ فانزلقتْ أنامِلـُهُ فوق جبيني
    تتدافع السطور على السطور، وكأننا في حلم صَعب تفسيره. الصورة تتلاطم كأنها الموج غير مرتبة، يقذف بها الواحدة تلو الأخرى في تراكم هائل، والقصيدة كلها صور تُعبّر عن واقع مهشم، لقد كانت القصيدة تتفتح على فضاء واسع من الدلالات تصب في بنية النص الكلية، وحيث يكون للمتلقي فعل في التغلغل في هذا الفضاء والكشف عما هو مقنع في أو مخبوء، وأحياناً يجسد الانزياح المعنى الدلالي العميق للكلمة،"فأرمم قلبي" كانت لها معانٍ عميقة وهو يرسم بغداد المحترقة المتهرئة والمهشمة، فهو يرمم قلبه ويتدارك الوردة من الهذيان، ويتدارك الشرفات من السقوط، لأن الصور مهما بلغ جمالها ومهما بلغت أمانة نقلها عن الطبيعة ودقة تمثيلها في كلمات لا تحدد بذاتها خصائص الشاعر، ولا تصبح أداة على عبقريته الأصلية إلاّ إذا خضعت لانفعال مسيطر أو لصور أو أفكار متداعيةٍ يثيرها هذا الانفعال، أو عندما يكون لهذه الصور الأثر في توحيد العناصر المتفرقة أو ضبط الأشياء. فهو لحُبّهِ لبغداد صار يتدارك كل شيءٍ ويخاف سقوطه في مستنقع حافل بالسماء، ويرمم احتراق قلبه باليد الأخرى. وصار البحر يَتشبّث به لأنه يتلكأ أمام براءته. إن الشاعرَ هنا "يحقق التوازن بين الكيفيات المتناقضة فيه، لأنه يخلق عالماً متناسقاً تتألف فيه الأحاسيس بالحكم العقلي الواعي"، وبعد ذلك كله نقول إن الشاعرَ قد أحسن في توظيف هذه القائمة من المفردات برموزها وإيحاءاتها، وكان لكل صورة نُصُب لفكرة مادية مزجها ليكوّن منها قصيدته. (ص183-184 ) حذام بدر: تحولات الشعرية العربية، الانقطاع والمجاورة في الشعر العربي الحديث. دار فضاءات للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، الطبعة الأولى 2012



      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 16, 2024 5:53 pm