انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    عبد السادة البصري: تقاسيم على الهامش: كم نحتاج إلى أدب الرحلات

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    عبد السادة البصري: تقاسيم على الهامش: كم نحتاج إلى أدب الرحلات Empty عبد السادة البصري: تقاسيم على الهامش: كم نحتاج إلى أدب الرحلات

    مُساهمة  Admin الجمعة مارس 26, 2021 2:57 pm

    تقاسيم على الهامش
    عبدالسادة البصري
    (( كم نحتاج إلى أدب الرحلات ؟!))
    معرفة أحوال الشعوب والأمم والوقوف على تضاريس أماكنهم وما يعيش فيها من نبات وحيوان وتقلبات الطبيعة هناك ، من أسمى غايات المعرفة الإنسانية ، حيث تجعلك في تماسٍ مع تلك الشعوب ، عاداتها ، تقاليدها ، طريقة عيشها ، طقوسها ، أحوالها المعيشية والسكنية ، ينقل كل هذا لنا الرحّالة الذين يجوبون الأمصار هنا وهناك ، لن ننسى ما تركه لنا الرحالة العرب والأجانب من معلومات جمّة فكل ما كتبه ابن بطوطة وما رسمه الإدريسي في خارطته ، وكيف استطاع فاسكودي جاما عبور رأس الرجاء الصالح ، وماجلاّن وغيرهم ، واكتشاف القارة الأمريكية واستراليا ، وما جاء في مذكراتهم عبر رحلاتهم البحرية والبرية قد علق في أذهاننا وصار جزءا من معرفيتنا الجغرافية ، وهناك من الأسماء الكثير حيث ترك لنا ( الفريد ثيسيغر ) في كتابيه رمال الجزيرة ، وعرب الاهوار ) ما أغنانا من معلومات كثيرة عن مواطن الرمل والماء !!
    ( باسم فرات ) هذا الشاعر الحالم بالفرح والجمال والموسيقى والهدوء ، لم يستكن أبداً ، بل أخذه الحلم بعيداً فراح يجوب البلاد عرضاً وطولا ، من نيوزيلندا مرورا باليابان وهيروشيما ووصولا إلى أمريكا اللاتينية ، حيث منحنا تذكرة سفر مجانية معه إلى كولومبيا من خلال حلمه البوليفاري ، الذي جاء بعد كتابه الأول ( مسافر مقيم .. عامان في أعماق الأكوادور ) ، وتسميته لكتابه ب( الحلم البوليفاري ) جاءت كنتيجة لما قرأه عن حلم ( سيمون بوليفار ) الزعيم اللاتيني الذي حرر اغلب بلدان أمريكا اللاتينية وأراد أن يوحدها لكنه سقط تحت تهويمات العسكرتاريا فصار حلمه سراباً !!
    باسم فرات وكأنه يكتب قصيدة عشق لمحبوبته التي حلم بها من خلال تجواله بين غابات الأمازون وأنهارها وتحمّله للسعات الحشرات ولدغات العضايا ، إضافة إلى اضطراره النوم في زورق يمخر مياه نهر ( نابو ) لساعات نتيجة دوار البحر !!
    يأخذنا في رحلته منذ أن وطأت قدماه ارض بيرو وكولومبيا عبر متاهات الأمازون المرعبة ولقائه حلمياً بالأميرة ( كويلاغو ) لتفتح له بوابات أهرامات كوتشاسقي مرورا بقرى ومدن وقصبات ومسميات كثيرة كــ ( لا ميرسَد ، القينتشه ، أتاوليا ، ميساواجي ، أياؤوسكا ، القرية الكيشوتية ) ليحدثنا عن ( الحلم الغلاباغوسي ) متوغلا 1000 كيلو متر غرب الأكوادور ومتوقفا عند أهم شاعر أرجنتيني ( خوان خيلمان ) ذاكرا أنه يعتقد بأن طوفان نوح قد وصل البيرو متأخرا ،، وماراً بــ ( ماتشوبيتشو ، مدينة الملوك ، كاتدرائية ليما ، أهرامات ليما ، بانيوس ، أمباتو ، بويو ) وذاكرا أيضا ( خوان مونتالفو كاتب الأكوادور الأول ) الذي يُطلق عليه سرفانتس أمريكا الجنوبية ،، ثم يحج صوب معبد الشمس ليرحل بعدها باتجاه ( ياسوني نبض غابات الأمازون ، كوكا ) ويأخذنا معه في زورق يسير أكثر من عشر ساعات في نهر نابو احد الأنهار التي تصب في نهر الأمازون، وعودته إلى كيتو مرة أخرى ، بعدها يخطف شراعه صوب بوغوتا عاصمة بلاد ماركيز ليحدثنا عن الأسطورة ماركيز وعلاقة شعبه به ، وكيف نشم من كلامه رائحة الملح التي حدثنا عنها ماركيز في رواياته ليقول أخيرا :ــ ارقد بسلام أيها الساحر يا غابي المعلم ،، ثم ( هاسيندا سينغا قرب لاسو لا تاكونغا ) و( توليبه ونانغاليتو ) !!!
    عبر هذه الرحلة التي استمرت شهورا أخذنا باسم فرات معه في سفر وتجوال دائم ليرينا عادات وتقاليد وكيفية عيش أبناء هذه المدن والقرى التي تقع في الجنوب الغربي من الأرض ، إنها أمريكا الجنوبية حيث البيرويين والكولومبيين والأكوادوريين المتحدرين من أصول شتى بعضها عربي وأخرى اسبانية وأوربية ، لكن الأصل يبقى لقبايل المايا والازيتيك الذين قضت عليه الأطماع الاسبانية وبقية الشعوب المستعمرة !!
    كم نحتاج إلى مثل هذه الكتابات ــ اقصد أدب الرحلات ــ لنتعرف أكثر على حضارات الشعوب قديمها وحديثها !!
    شكرا أقولها بحجم المحبة لباسم فرات الشاعر الرحالة والحالم الذي لم ينسنا بحلمه ، وأتمنى أن يتحفنا بكل ما يمر من أمام عينيه خلال تجواله المستمر !!!!!
    نُشر في إحدى صحف العراق أظنها طريق الشعب يوم 25 أو 26 آذار 2019 ميلادية

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:17 am