انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    جلال حسن:مئذنة الشعر

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 533
    تاريخ التسجيل : 14/09/2010

    جلال حسن:مئذنة الشعر Empty جلال حسن:مئذنة الشعر

    مُساهمة  Admin الجمعة أكتوبر 22, 2010 3:32 am

    - تمرد اللغة في صدق المعيار
    - انتفاضة الحزن الحقيقي
    - مطالعة: في قصيدة " عانقتُ برجاً خلته مئذنة "للشاعر باسم فرات


    طالعتنا مجلة " الحركة الأدبية " الصادرة في صيف عام 2000 العدد العاشر بقصائد رائعة ومنها قصيدة الشاعر باسم فرات " عانقتُ برجاً خلته مئذنة " . تتميز هذه القصيدة بتمرد الاسلوب ، بسياق التعبير / المضمون الذي أراده الشاعر ، بتفجير أحاسيسه في صياغة الجملة الشعرية التي تتخذ من المأساة / هماً / غربة لتأسيس نهجٍ تحريضيٍّ إنسانيّ ، بنظام مغاير الانساق في الايقاع الداخلي مبتكراً وحدة المضمون المتكامل ، مبتعداً عن الاسفاف بشكل شعريّ أخّاذ .
    القصيدة انتفاضة الحزن الحقيقي كرؤية شاملة في صدق المعنى :
    بينما أحاول أن أمسك بالنعاس
    تخمش وجهي شمس تطارد فلول الليل
    مثل جيش انهكته الهزائم
    يشرئبّ الأسى في خطواتي
    الفكرة تعطي وضوحها في توظيف المعنى لأنجاز صور تشكيلية مكثفة بعيدة عن الشدّ والإقحام ، لأن السماء التي تجلس على سرير الشاعر أرقصت نجومها في هروب خريفه ، نثرية عذبة ، شفافة ، تجعل من الغربة بيتاً جديداً في ريح تشدّ الاستعارات برؤى جديدة تقود الدلالات الى تعدد الاضاءات :
    لسنا سوى خيبات صدئت ذكرياتها
    هكذا
    لكي أجتاز الوصول
    لم ألتفت لجراحي
    وبمبضع جراّح ناجح يفتح الشاعر قروح غربته فلا يرى غير قطعان النجوم تشاكس عربة الظلام ، فيمرّ على ذكريات كثيرة وأليمة خلفتها الحروب :

    - كيف أرسلوك للحرب وأنت مصفّد بالحبّ –
    أمي أشعلت ثلاثة عشر قنديلاً
    تؤثّث لأنتظاري
    اختزال اللغة يجسد بناء القصيدة ، يفتق السرائر باعلان شقّ طريقها الوعر بكل الوضوح الذي تحمله الدلالة بمعرفة الأنساق إلى كشف المخفي بإشارة واضحة وثاقبةٍ . تحويل المرئي إلى مرئي – الشاعر قريب من وطنه ملتصقاً بحيثيات الدقائق البسيطة :
    حدّثتُ الأسى عنك
    فلوّح بنخيله
    ليطرد الأبدية عن اغفاءتي
    ويمسح شطآنه فوق جبيني
    هل أصغي إلى هذياناتها الأسرار وهي تتلوى على الورقة
    ثم اترك على الطاولة سنواتي تطفئ آلامها ؟
    ما يفرح في قصيدة " عانقتُ برجاً خلته مئذنة " صدق المعنى ، فإن أجمل الشعر أصدقه ، حيث يتداخل الايقاع الداخلي مموسقاً ومتناسقاً مع المضمون ، ليعطينا معياراً متعدد الصور ، ينم عن جدل يحطم الأسوار بأبهى تعبير يوخز المتلقي في إسترجاع الماضي إلى حاضر بانشاد صارخ :
    أجلست ثلاثين عاماً على ركبتيها
    المرأة بأعوامها الأربعين
    فأرضعتني بكاءها وأحلامها اليابسة
    على ساقيها تغفو ملائكة
    المرأة ذاتها
    أنوثتها فاضت بين يديّ
    ان شاعراً مثل باسم فرات يعلن حبه إلى تمرد حقيقي ، فكان متألقاً شعرياً في إطلاق زفيره على حسرات مختنقة ، وأسئلته بحاجة ألى أجوبة أكثر صعوبة . كان شاهداً أميناً على زمنٍ مليئ بالاحزان والحروب ، لذلك نجده منسجماً في مشهد شعريّ بحيوية وإنسجام جميل ، وذلك ليس بالقليل ، فاستحقّ الاشارة .

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 16, 2024 5:33 pm