يحاول الشاعر باسم فرات أن يرسم صورة صافية للأحلام الفراتية العذبة ، فيستعيد صورة نهر الحسينية والشوارع المكتظة بعرق الزوار ، ومآذن الجوامع ولون قبابها الشذري الآخاذ ، والأضرحة الذهبية التي تبرق في الشمس والكاشي الكربلائي مخترقاً من خلال مواكبه الشعرية وأحتجاجاته باب القبلة وساحة الحرمين صاعداً بأتجاه الزينبية وباب السلالمة وباب العباس .
يبدأ باسم فرات مجموعته الشعرية (( خريف المآذن )) الصادرة عام 2002 عن دار أزمنة في عمان بالبحث عن لغة الضوء التي يتوظأ بها الشاعر حين يستعد للكلام ، ويمكن خلالها ربط الأحداث التاريخية برباط مقدس حينها يمزج بين المأساة التي شهدتها الأرض التي يقف عليها مستغلاً أحلام طفولته وماحفظته الذاكرة المطرزة بسعف النخيل ولون عباءات النسوة المتشحات بالسواد ، والفرحات للمشاركة بالطقوس الحزينة التي اشتهرت بها المدينة في مواسم عاشوراء ، ولهذا بقي الشاعر يحلم معانقة المآذن ولمس لجين القباب المذهبة والغاء كل الشواهد التي لم تكن على شكل المئذنة .
(( فخر أزيز المدافع من قميصي
رسمت سماء صافية لأنفذ منها
محتها الصواريخ
رسمت جدولاً وقلت : هذا نهر الحسينية
تلصصت عليه المطارات
ورسمت مئذنة ونخلة
ووحيداً اوقفوني الا من مرآة أحملها
تصفعني الأيام كلما صرخت
أبي ياأبي أوكلما توغلت في موتك
أهلت التراب على أحلامي ))
منشغلا بالسواد الذي برقع ايامه وأحلامه فأحالها الى لون قاتم ، منشغلاً بعذابات الأنسان منذ الأزل مروراً بواقعة الطف في كربلاء والتي كان جزء من محنتها ، تارة تراه مئذنة وتارة نخلة ومرة اخرى الطين الذي يرافق الشط ويلاعب كركرة الماء في الجدول الذي يطرز جسد كربلاء التي قدس الدم مائهاوصارت طينتها تعاويذ ورقي .
وهانحن نتلمس الكلمات الكربلائية تفرض نفسها على كلماته وفي قصائدة فتكون فيها ( المئذنة ، النخلة ، الفرات ، الرازقي ، الزبيب المجفف ، الطفوف ، البساتين ، الحر الرياحي ......
لكنه يتخلص من هذا القيد ، ففي قصيدة – جنوب مطلق – يقول :
(( في المدن التي أنهكها البحر
أردم أحلامي
لي من الحروب تذكار
ومن البلاد أقصى الجراح ) )
(( هناك
تركت على خارطة الطفولة
براءة ثقبتها عفونة العسكر
ومن البيت سرقتني الثكنات
ورمتني الى المنفى ))
(( يالهاث الفراتين
في المدن القصية
ثمة مايدعو للتذكر
في الأقاصي التي انهكها البحر
اردم أحلامي
لي من الحروب تذكار
ومن البلاد أقصى الجراح ))
وهكذا يبتعد حاملاً قلمه وأوراقه مغنياً لطفولته التي ما أن يشم عبقها ويتذوق طعمها في غربته حتى يستعيد كل حزنه وشريط المأساة الذي لازم كلماته فأحالها الى هم أنساني مقيد بالمقدس والمآذن والشذر الأزرق والمسابح والمقابر والموت .
مازال بأسم فرات يحلم بشمس طفولته التي افتقدها وهو الذي يختزل أسراراً عميقة يخزنها في أضوية المدينة التي تنطفيء في مواسم حزينة فيحمل قنديله يضيء الطريق للساهرين والذين أضلوا دروبهم وضاعت منهم الكلمات فيدلق عليهم كلماته كرذاذ المطر الناعم ، وقال فيما قال أنه لم يزل متجهاً صوب أقصى الجنوب يستقصي أسرار الشمس ، والكلمات ترتطم بحبات خرز المسابح اليدوية السوداء أو الكهرب والسندلوس والعقيق ، لكلماته طعم الخبز الخارج تواً من تنور المخابز الطينية ، وفي عمق كلماته الجميلة عبق التاريخ وقصص التضحية والبطولة التي جسدها الحسين بن علي والحر بن يزيد الرياحي والبطلة زينب بنت علي ، ثم يرتد بنا ليشير لنا لمفارز التفتيش .
في شعر باسم فرات تدخل الطقوس المهيبة التي يمارسها الناس فطرياً .
(( منائر تغفو على راحة السماء
تداعب اجفانها النجوم والايام
ابواب معشقة بالابريز والفضة
واكف الحناء المدماة بنشيج الامهات
ابواب تقودني الى البهاء
اخلع جسدي قبل ان اصل
اسوار افترشت الحجر الكربلائي ))
ومن اقصى الحزن الفراتي المعشق بالدمع والسواد والمآتم والواقع القاسي الذي يخيم على لغة الشعر قبل أن يصل الى مخيم كربلاء ، يحمل راية الشعر يشق صباحات احلامه يسجلها شعراً ويكتب عن ذاكرة الحرب والسواتر التي اكلت من روحه فزادتها حزنا ، لكنه لم يزل يمشي باتجاه الشمس يسجل قصائده تحت حرارتها وحزم الضوء الشديد فيها .
الومضات التي تتخللها قصائد باسم فرات تليق بأن نستعيد قرآئتها وأن نتذوق طعمها الحزين لكونها مكتوبة بمداد أسود في زمن حزين ، تتضمن القصائد العديد من الرمزية والأشارات التي تعالج معاناة الانسان في روح الشاعر التي بقيت هائمة لاتعرف الأستقرار وتحلم بأن تلوذ ببساتين كربلاء ، لكنها ابحرت مبتعدة حتى أقصى جنوب الأرض .
يبدأ باسم فرات مجموعته الشعرية (( خريف المآذن )) الصادرة عام 2002 عن دار أزمنة في عمان بالبحث عن لغة الضوء التي يتوظأ بها الشاعر حين يستعد للكلام ، ويمكن خلالها ربط الأحداث التاريخية برباط مقدس حينها يمزج بين المأساة التي شهدتها الأرض التي يقف عليها مستغلاً أحلام طفولته وماحفظته الذاكرة المطرزة بسعف النخيل ولون عباءات النسوة المتشحات بالسواد ، والفرحات للمشاركة بالطقوس الحزينة التي اشتهرت بها المدينة في مواسم عاشوراء ، ولهذا بقي الشاعر يحلم معانقة المآذن ولمس لجين القباب المذهبة والغاء كل الشواهد التي لم تكن على شكل المئذنة .
(( فخر أزيز المدافع من قميصي
رسمت سماء صافية لأنفذ منها
محتها الصواريخ
رسمت جدولاً وقلت : هذا نهر الحسينية
تلصصت عليه المطارات
ورسمت مئذنة ونخلة
ووحيداً اوقفوني الا من مرآة أحملها
تصفعني الأيام كلما صرخت
أبي ياأبي أوكلما توغلت في موتك
أهلت التراب على أحلامي ))
منشغلا بالسواد الذي برقع ايامه وأحلامه فأحالها الى لون قاتم ، منشغلاً بعذابات الأنسان منذ الأزل مروراً بواقعة الطف في كربلاء والتي كان جزء من محنتها ، تارة تراه مئذنة وتارة نخلة ومرة اخرى الطين الذي يرافق الشط ويلاعب كركرة الماء في الجدول الذي يطرز جسد كربلاء التي قدس الدم مائهاوصارت طينتها تعاويذ ورقي .
وهانحن نتلمس الكلمات الكربلائية تفرض نفسها على كلماته وفي قصائدة فتكون فيها ( المئذنة ، النخلة ، الفرات ، الرازقي ، الزبيب المجفف ، الطفوف ، البساتين ، الحر الرياحي ......
لكنه يتخلص من هذا القيد ، ففي قصيدة – جنوب مطلق – يقول :
(( في المدن التي أنهكها البحر
أردم أحلامي
لي من الحروب تذكار
ومن البلاد أقصى الجراح ) )
(( هناك
تركت على خارطة الطفولة
براءة ثقبتها عفونة العسكر
ومن البيت سرقتني الثكنات
ورمتني الى المنفى ))
(( يالهاث الفراتين
في المدن القصية
ثمة مايدعو للتذكر
في الأقاصي التي انهكها البحر
اردم أحلامي
لي من الحروب تذكار
ومن البلاد أقصى الجراح ))
وهكذا يبتعد حاملاً قلمه وأوراقه مغنياً لطفولته التي ما أن يشم عبقها ويتذوق طعمها في غربته حتى يستعيد كل حزنه وشريط المأساة الذي لازم كلماته فأحالها الى هم أنساني مقيد بالمقدس والمآذن والشذر الأزرق والمسابح والمقابر والموت .
مازال بأسم فرات يحلم بشمس طفولته التي افتقدها وهو الذي يختزل أسراراً عميقة يخزنها في أضوية المدينة التي تنطفيء في مواسم حزينة فيحمل قنديله يضيء الطريق للساهرين والذين أضلوا دروبهم وضاعت منهم الكلمات فيدلق عليهم كلماته كرذاذ المطر الناعم ، وقال فيما قال أنه لم يزل متجهاً صوب أقصى الجنوب يستقصي أسرار الشمس ، والكلمات ترتطم بحبات خرز المسابح اليدوية السوداء أو الكهرب والسندلوس والعقيق ، لكلماته طعم الخبز الخارج تواً من تنور المخابز الطينية ، وفي عمق كلماته الجميلة عبق التاريخ وقصص التضحية والبطولة التي جسدها الحسين بن علي والحر بن يزيد الرياحي والبطلة زينب بنت علي ، ثم يرتد بنا ليشير لنا لمفارز التفتيش .
في شعر باسم فرات تدخل الطقوس المهيبة التي يمارسها الناس فطرياً .
(( منائر تغفو على راحة السماء
تداعب اجفانها النجوم والايام
ابواب معشقة بالابريز والفضة
واكف الحناء المدماة بنشيج الامهات
ابواب تقودني الى البهاء
اخلع جسدي قبل ان اصل
اسوار افترشت الحجر الكربلائي ))
ومن اقصى الحزن الفراتي المعشق بالدمع والسواد والمآتم والواقع القاسي الذي يخيم على لغة الشعر قبل أن يصل الى مخيم كربلاء ، يحمل راية الشعر يشق صباحات احلامه يسجلها شعراً ويكتب عن ذاكرة الحرب والسواتر التي اكلت من روحه فزادتها حزنا ، لكنه لم يزل يمشي باتجاه الشمس يسجل قصائده تحت حرارتها وحزم الضوء الشديد فيها .
الومضات التي تتخللها قصائد باسم فرات تليق بأن نستعيد قرآئتها وأن نتذوق طعمها الحزين لكونها مكتوبة بمداد أسود في زمن حزين ، تتضمن القصائد العديد من الرمزية والأشارات التي تعالج معاناة الانسان في روح الشاعر التي بقيت هائمة لاتعرف الأستقرار وتحلم بأن تلوذ ببساتين كربلاء ، لكنها ابحرت مبتعدة حتى أقصى جنوب الأرض .