• لعلّ من أصعب أشكال الكتابة الشعرية أن نشعرنَ تاريخاً ليس تاريخنا ومكاناً ليس مكاننا وآلام وأحاسيس وأحلام الآخر.. وها أنت قد فعلت في تقمّص مذهل للآخر في أعماق تاريخه ومكانه وآلامه وأحاسيسه وأحلامه.
• حين وصلني ديوانك (بلوغ النهر) قصدتُ أن لا أسألك شخصياً عن ظروف كتابة هذا الديوان ولم أذهب إلى قراءة شيء عنه في صحيفة "الزمان" مما أشرت إليه أنت في الفيس بوك. وبذلك أنطلق دائماً من إيماني بأن القصيدة ينبغي أن لا تُقرأ من خارجها ولا بالإحالة إلى ايضاحات أو شروح.
• كنتُ غالباً ما أتوجّس الافتعال والتلفيق والبرود في ما يبدو لي شعراً سياحياً يُكتب عبر رجلة في بلدان مختلفة، ولا أخفي أن قلقاً من هذا النوع انتابني وأن أشرع في قراءة ديوانك (بلوغ النهر) بَيْدَ أني من صفحة إلى أخرى ومن قصيدة إلى أخرى رحتُ أقتنع أنني أقرأ شاعراً يكتب نفسَهُ، حتى أن براعتك بلغت حدّاً كادت أن تدفعني للتخيّل كما لو أنني أقرأ تارةً شاعراً يابانياً وتارةً شاعراً كمبودياً وأخرى تايلندياً ورابعةً نيوزلندياً. ولولا أنك كنتَ تتسلل إلى بعض النصوص بأوجاع عراقيّتك أحياناً ما كان لأي قارئ من تلكم البلدان، لو اطّلع على هذا الديوان مترجماً إلى لغته، أن يظن أن الشاعر لم يولد في شرق آسيا أو الأقيانوس ولم يرضع ثقافتها وتاريخها وهمومها وأحلامها.
• كما كتبت في دراستي القصيرة (أطياف قصيدة المنفى) عام 2001 بما مفاده أن الشاعر العراقي يقيم وجودياً في المنفى ولكن قصيدته ما برحت تقيم في العراق. ومن النادر أن نشهد، سوى استثناءات هنا وهناك، نكهة المكان في الشعر العراقي بالمنفى. ولكنك في (بلوغ النهر) أنجزت فتحاً في هذا المجال. في هذا الديوان تقيم قصيدتك في المكان الذي قُيِّضَ لها أن تكون فيه.. والعراق ذاكرة.
• لقد شعرنتَ يا باسم ما ألِفنا أن يُروى.. وفعلتَ ذلك بلغةٍ شفيفة.. وأشهد بعيداً عما يلزمني بأية مجاملة.. أنني قرأتُ ديوانك بمتعة كبيرة ولم أشعر بأي افتعال في نصوصك.. وبلغتُ معك ما هو أبعد من النهر.. ورأيتُ في ديوانك تجربة أقرب إلى المغامرة ولكن حريّاً بالشعراء أن يغامروا.. وقد أحسنتَ مغامرةً وبوركتَ نجاحاً. وأنا شخصياً أعتبر ديوانك هذا نموذجاً مشرقاً لقصيدة المنفى التي عليها أن تقيم حواراً تفاعلياً مع المكان.
• في لحظة من اللحظات بدا لي كما لو أنك ابن "فضلان" شاعراً.
• أرى في مستقبل الذاكرة الثقافية لشعوب اليابان وتايلند وكمبوديا ونيوزلندا سيُنظر إلى ديوانك هذا، بعد ترجمته، بكثير من الإجلال والاحتفاء والتخليد، لأنك فعلت ربما ما لم يفعله كثير من شعراء هذه البلدان، ولكن خصاصتك تتجلّى في أنك فعلتَ ذلك بقلمٍ فراتي عذب.
• في النهاية.. عليك أن تتذكر أن من مثل هذه التجارب تُكتب لمرة واحدة ومن يفلح بها يفوز فوزاً عظيماً.. وها أنت قد أفلحتَ.. وينبغي بعد ذلك أن تتفكّر بتجربة جديدة ومغامرة جديدة.
• أهنئك بحرارة.. وأعلم أن ديوانك يستأهل مني أكثر مما فعلتً ولكنني ، اعذرني، محاصرٌ بالمشاكل والمشاغل.
جريدة المثقف
العدد العدد: 2325 السبت 12 - 01 - 2013م (هكذا كتبوا فوق المقال)
(العدد :2326 الأحد 13 / 01 / 2013) (هكذا كتبوا تحت المقال)
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=70577:2013-01-13-14-43-47&catid=141&Itemid=318
• حين وصلني ديوانك (بلوغ النهر) قصدتُ أن لا أسألك شخصياً عن ظروف كتابة هذا الديوان ولم أذهب إلى قراءة شيء عنه في صحيفة "الزمان" مما أشرت إليه أنت في الفيس بوك. وبذلك أنطلق دائماً من إيماني بأن القصيدة ينبغي أن لا تُقرأ من خارجها ولا بالإحالة إلى ايضاحات أو شروح.
• كنتُ غالباً ما أتوجّس الافتعال والتلفيق والبرود في ما يبدو لي شعراً سياحياً يُكتب عبر رجلة في بلدان مختلفة، ولا أخفي أن قلقاً من هذا النوع انتابني وأن أشرع في قراءة ديوانك (بلوغ النهر) بَيْدَ أني من صفحة إلى أخرى ومن قصيدة إلى أخرى رحتُ أقتنع أنني أقرأ شاعراً يكتب نفسَهُ، حتى أن براعتك بلغت حدّاً كادت أن تدفعني للتخيّل كما لو أنني أقرأ تارةً شاعراً يابانياً وتارةً شاعراً كمبودياً وأخرى تايلندياً ورابعةً نيوزلندياً. ولولا أنك كنتَ تتسلل إلى بعض النصوص بأوجاع عراقيّتك أحياناً ما كان لأي قارئ من تلكم البلدان، لو اطّلع على هذا الديوان مترجماً إلى لغته، أن يظن أن الشاعر لم يولد في شرق آسيا أو الأقيانوس ولم يرضع ثقافتها وتاريخها وهمومها وأحلامها.
• كما كتبت في دراستي القصيرة (أطياف قصيدة المنفى) عام 2001 بما مفاده أن الشاعر العراقي يقيم وجودياً في المنفى ولكن قصيدته ما برحت تقيم في العراق. ومن النادر أن نشهد، سوى استثناءات هنا وهناك، نكهة المكان في الشعر العراقي بالمنفى. ولكنك في (بلوغ النهر) أنجزت فتحاً في هذا المجال. في هذا الديوان تقيم قصيدتك في المكان الذي قُيِّضَ لها أن تكون فيه.. والعراق ذاكرة.
• لقد شعرنتَ يا باسم ما ألِفنا أن يُروى.. وفعلتَ ذلك بلغةٍ شفيفة.. وأشهد بعيداً عما يلزمني بأية مجاملة.. أنني قرأتُ ديوانك بمتعة كبيرة ولم أشعر بأي افتعال في نصوصك.. وبلغتُ معك ما هو أبعد من النهر.. ورأيتُ في ديوانك تجربة أقرب إلى المغامرة ولكن حريّاً بالشعراء أن يغامروا.. وقد أحسنتَ مغامرةً وبوركتَ نجاحاً. وأنا شخصياً أعتبر ديوانك هذا نموذجاً مشرقاً لقصيدة المنفى التي عليها أن تقيم حواراً تفاعلياً مع المكان.
• في لحظة من اللحظات بدا لي كما لو أنك ابن "فضلان" شاعراً.
• أرى في مستقبل الذاكرة الثقافية لشعوب اليابان وتايلند وكمبوديا ونيوزلندا سيُنظر إلى ديوانك هذا، بعد ترجمته، بكثير من الإجلال والاحتفاء والتخليد، لأنك فعلت ربما ما لم يفعله كثير من شعراء هذه البلدان، ولكن خصاصتك تتجلّى في أنك فعلتَ ذلك بقلمٍ فراتي عذب.
• في النهاية.. عليك أن تتذكر أن من مثل هذه التجارب تُكتب لمرة واحدة ومن يفلح بها يفوز فوزاً عظيماً.. وها أنت قد أفلحتَ.. وينبغي بعد ذلك أن تتفكّر بتجربة جديدة ومغامرة جديدة.
• أهنئك بحرارة.. وأعلم أن ديوانك يستأهل مني أكثر مما فعلتً ولكنني ، اعذرني، محاصرٌ بالمشاكل والمشاغل.
جريدة المثقف
العدد العدد: 2325 السبت 12 - 01 - 2013م (هكذا كتبوا فوق المقال)
(العدد :2326 الأحد 13 / 01 / 2013) (هكذا كتبوا تحت المقال)
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=70577:2013-01-13-14-43-47&catid=141&Itemid=318